1. منتدى معلمي الاردن
  2. منتدى معلمي الاردن العام
  3. منتدى المواضيع العامة
  4. الإعلام في زمن الإخفاء


الإعلام في زمن الإخفاء

الإعلام في زمن الإخفاء

إذا أصبحت صحافياً في مصر فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح. يكاد لا يمر يوم إلا ويظهر خبرٌ متصلٌ بواقعة جديد ..

الإعلام,زمن,الإخفاء,keyword



30-11-2019 02:32 مساءً
بيسان القدومي
عضو
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-01-2018
رقم العضوية : 2
المشاركات : 1520
الجنس : ذكر
تاريخ الميلاد : 11-7-1996
الدعوات : 1
قوة السمعة : 10
  
إذا أصبحت صحافياً في مصر فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح. يكاد لا يمر يوم إلا ويظهر خبرٌ متصلٌ بواقعة جديدة للقبض على صحافي، وجديدهم الأصدقاء، سولافة مجدي وحسام الصياد ومحمد صلاح، في اليوم التالي لواقعة اقتحام مقر موقع مدى مصر واحتجاز كل العاملين، والقبض على رئيسة التحرير، لينا عطالله، والصحافيين، رنا ممدوح ومحمد حمامة. يحدث هذا كله لمحاولة إخفاء المعلومات بالمطلق، ومن باب أولى إخفاء المعلومات التي يعتبرها النظام من "خصوصياته". ليس من حق أحد أن يتحدّث عن سيناء، أو اقتصاد القوات المسلحة، أو يذكر اسم السيد نجل الرئيس. خطوطٌ حمر تُرسم حدودها بأكثر الطرق إيلاماً.

يمتد الإخفاء من المعلومات إلى الأجساد، ولا يكاد يمر يوم إلا ويظهر مختفٍ بواقعة قديمة، وآخرهم عضو نقابة الصحافيين، حسن القباني، الذي ظهر بعد اختفاء دام 67 يوما. وعبدالله السعيد، عضو حزب العيش والحرية، ظهر أخيرا بعد 35 يوماً من الإخفاء إثر القبض عليه، وختم الخروج من مطار القاهرة. أما الباحث في المفوضية المصرية، إبراهيم عز الدين، فقد "تفوق" خاطفوه في تحقيق أكثر من خمسة أشهر من الاختفاء منذ 11 يونيو/ حزيران الماضي، تعرّض خلالها للتعذيب. ويلاحظ هنا أن الأبواق الصحافية والسياسية التي كانت تصاب بالهستيريا من كلمة "اختفاء قسري" اختفت تماما، وتبخرت محاولات المبالاة، ليتحول الأمر إلى ترسيخ واقعٍ تصبح فيه هذه الممارسة البشعة روتينية لا أكثر. وعلى الرغم من أن من المفيد، بشكل عام، محاولة الوصول إلى منطق ما لأفعال النظام، من قبيل: من هو "الشخص المحترم" الذي تدخل لصالح الإفراج عن صحافيي "مدى مصر"، كما أبلغهم الضباط؟ هل هناك شيء كهذا أصلا؟ وهل الأمر مرتبط بضغوط خارجية، كتصريحات مسؤولي الخارجية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؟ ولماذا لم يتدخلوا لغيرهم؟ ولماذا تجاهل النظام المصري بياناتٍ شبيهة عديدة؟ لقد طالب الرئيس الأميركي السابق، أوباما، مراراً وتكراراً بإطلاق سراح حاملة الجنسية الأميركية، آية حجازي، ولم يجد إلا المماطلة والتسويف؟ وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، أصدر سفراء خمس دول، كندا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والمملكة المتحدة، بيانا مشتركاً يدين اختفاء المحامي إبراهيم متولي، في أثناء توجهه لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف، فكان رد الفعل المصري عكسياً باستدعاء السفراء الخمسة للاحتجاج، واستمرار سجن إبراهيم وتعذيبه! ويمتد الأمر إلى أسئلة داخلية عديدة. مثلا، عمل موقع مصر العربية من داخل مصر حتى عام 2018، وفجأة تم القبض على رئيس تحريره، عادل صبري، وسجنه. لماذا تركوه؟ ولماذا سجنوه؟ يمكن تطبيق الأسئلة نفسها على رجل الأعمال الإخواني، حسن مالك، الذي لم يُقبض عليه إلا في أكتوبر/ تشرين الأول 2015. وعلى الرغم من أنه من المفيد محاولة الوصول إلى منطق ما لأفعال النظام، إلا أن الواقع أن هذا الأمر سيظل قاصراً في غياب المعلومات، وكذلك تعدّد مراكز اتخاذ القرار، فضلا عن غياب المنطق نفسه في حالاتٍ كثيرة. وإذا كان الصحافيون لا يمكنهم الوصول إلى معلوماتٍ عن مصيرهم الشخصي، فمن باب أولى يصبح البحث عن أبسط معلومة عامة سراً عسيراً، فنحن لا نعرف، على سبيل المثال، هل فعلاً تحقق العاصمة الإدارية أرباحاً متسارعة، كما يقول مؤيدوها، أم خسائر فادحة كما يقول معارضوها؟ لا قانون "حرية تداول المعلومات" ولا ميزانيات منشورة، كما يحدث في أصغر وحدة محلية "كاونسل" في الدول الديمقراطية. في ظل هذه الأجواء، لا يبقى لنا إلا محاولات إخفاء أخرى تخصّنا. نحاول إخفاء خوفنا البشري الطبيعي، وكذلك إخفاء خلافاتنا ومنافساتنا الداخلية الطبيعية أيضاً. نتضامن مع الزملاء، ومع كل من يغرس نبتاً طويل الأمد، خصوصا لو في أرض الداخل. الأنظمة المستبدة لا تختفي تلقائياً، ولكن ربما تتحلل ببطء.
الإعلام في زمن الإخفاء

لا يمكنك الرد على هذا الموضوع لا يمكنك إضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
الإعلام ، زمن ، الإخفاء ،

الإعلام في زمن الإخفاء










الساعة الآن 02:50 PM