أتت انتفاضة لبنان في 17 أكتوبر/تشرين الأول، بدعوة من مجموعة صغيرة في بيروت تدعى "لحقي" وذلك إثر فرض "رسم واتساب" من قبل الحكومة اللبنانية. الجو العام في لبنان كان متشنجاً في تلك المرحلة، خاصة إثر الوضع الاقتصادي - الاجتماعي، ومشاكل العملة الصعبة وتأثيراتها، وحرائق لبنان التي حصلت قبل الانتفاضة بعدة أيام.. وكان واضحاً غياب الدولة.كان يحصل تحرك هنا وتحرك هناك في مختلف المناطق اللبنانية، وكل تحرك كان له هدف، وتعاملت السلطة باستخفاف مع مختلف قضايا الشعب المهمة، ومعظم أحزاب السلطة لم تفِ بوعودها الانتخابية التي قطعتها منذ حوالي عام ونصف العام، إضافة إلى بث أخبار تتعلق بمالية الوطن، تارة إفلاس وتارة وضع هادئ، ومزيد من الحصار الاقتصادي، مما أشعل المواطن اللبناني.

نزلت مختلف الشرائح اللبنانية من جميع الطوائف والأحزاب والمنتمين إلى مختلف التيارات السياسية لتعبر عن غضبها، في أول أسبوع، ومعهم بعض من جمهور السلطة بأطيافها.من ناحية المنظمين في الشارع.. كان للأحزاب المعارضة، ومنظمات المجتمع المدني، والأحزاب اليسارية، والتيارات الإسلامية المعتدلة، والهيئات الطلابية، دور أساسي في هذه الانتفاضة، خاصة الأندية الطلابية في الجامعات، ومعها بعض النقابات، بالإضافة إلى ناشطين من مختلف المناطق اللبنانية.. جمعهم غياب الدولة، اجتمعوا على العناوين العريضة، ولكنهم اختلفوا في التفاصيل.أما عصب الانتفاضة الأساسي فكان المتضررين من السياسات الحكومية المجحفة، مثل الأساتذة المتعاقدين الذين يطالبون بالتثبيت وأخذ حقوقهم، وهم حوالى ثلاثين ألف عائلة، وأهالي المطالبين بالعفو العام، الذين وعدوا به قبل الانتخابات النيابية، وعددهم حوالي خمسين ألف عائلة، وناجحو مجلس الخدمة، وهم ألفا عائلة، وفقراء لبنان إذ وصل عددهم حوالى خمسين بالمئة من الشعب اللبناني، والعاطلون عن العمل الذين وصل عددهم إلى حوالى أربعين بالمئة، والمواطنون الذين يموتون على أبواب المستشفيات بسبب عدم وجود ضمان صحي وضمان الشيخوخة، وآلاف الشباب اللبناني المحروم من قروض الإسكان، وأمهات الشباب المغتربين اللواتي أصبح لديهن حقد كبير على دولتهن، وأصبح لديهن نفحة أمل في استرجاع أبنائهن إلى وطنهم، إن حصل التغيير.. وغيرهم الكثير..وعندما نتحدث عن ممثلي انتفاضة لبنان الفعليين، فهؤلاء هم الممثلون وليس غيرهم، لا يوجد حزب أو ناشط أو غيره من الممكن أن يمثل هذه الفئة.. ممثلهم الفعلي هو الإصلاح، وتخفيف الهدر في المال العام وملاحقة الفاسدين. ممثلهم الفعلي تخفيف نسبة الفقر، والإنماء المتوازن والعادل. ممثلهم الفعلي تطبيق القانون على الجميع، ودولة المؤسسات. ممثلهم الفعلي من يحقق ضمان الشيخوخة، والطبابة المجانية. ممثلهم الفعلي التعليم المجاني.. وغيرها من العناوين التي يصبو إليها الشعب اللبناني.انتفاضة لبنان لا يوجد أشخاص يمثلونها.. بل برنامج العمل هو القائد الفعلي لها.