منتدى معلمي الاردن
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
https://www.jo-teachers.com/forum/t6946
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

أن يقتلنا الروس
بيسان القدومي 07-12-2019 12:07 صباحاً
منذ انقلابه ذهب رأس النظام في القاهرة نحو تعبير فجّ ومكرر لحقيقة الموقف الرسمي العربي من ثورات الشارع المنطلقة منذ نهاية 2010، باستدعاء الحالة السورية كبعبع في وجه الناس كي يستكينوا ولا يثوروا على واقعهم المأساوي طلباً للحرية والكرامة. وبعد أعوام على انطلاق مشروع الثورات الدموية المضادة، فإن سيل الدماء العربية لا يتوقف، بأيادٍ محلية وأخرى آتية من بعيد.

قصف أسواق وأحياء المدنيين في شمالي سورية، وضواحي العاصمة الليبية طرابلس، بمعية ودعم موسكو المكشوف، وطائرات معسكر أبوظبي-القاهرة، يعيد تذكيرنا بنفاق وازدواجية بعض القوى العربية، كالصراخ إذا نفذت المذابح طائرات أميركية وعصابات "بلاك ووتر"، مقابل صمت وتجاهل حين يكون المسؤول طائرات "ميغ" و"سوخوي" الروسية وعصابات "فاغنر".قد يبدو مفهوماً، في ظل الانهيارات الرسمية العربية، وخصوصاً مع تحكّم المال السياسي-الإعلامي بمفاصل العمل الرسمي، وتفاهمات الكواليس مدفوعة الثمن لروسيا، أن يجري الصمت على المذابح المتكررة، بل والمطلوبة عن قصد، لبث مزيد من تخويف الشعوب. لكن بعد سنوات من اتضاح الأثمان الدموية للتدخّلات الخارجية، بما فيها الإيرانية، يصبح ربما من العبث السؤال عن إصرار بعض القوى على بيع أوهام استعادة زمن ما قبل "غلاسنوست".والقصة ليست فقط قصف إدلب وضواحي طرابلس. فإصرار بعض "يسار الأمس" على قراءة الثورات العربية من منظور مؤامراتي، مهّد لما هو أكثر فداحة من مرافعات البعض عن "أفكار تبرير الديكتاتورية"، كخيار ثابت يمنع حتى الانتقال الديمقراطي السلمي. فقد بُرئ قاتلو الشعوب وجُرّمت ثوراتهم، من تونس إلى القاهرة فدمشق واليمن، وبغداد وبيروت والجزائر اليوم، لينتشر الموقف الانتهازي بركوب موجة حراك الشارعين اللبناني والعراقي، وإن من منطلق استدعاء تطييف ومذهبة النتائج والحلول مرة أخرى.ولعل أكثر ما يثير الغثيان في محاولة هذا البعض تصريف جرائم القتل في سورية، الادعاء أن "موسكو داعمة للقضية الفلسطينية". فهذا ليس فقط تصريفاً ساذجاً في السياسة، ومنحطاً في الأخلاق، بل يُعبّر بحق عن تبلّد مقصود في عدم إدراك أبعاد تفاهمات موسكو وتل أبيب في القصف شبه اليومي في سورية، مع كل التبدلات التي تنتهزها موسكو للعب دور واشنطن السابق في المنطقة، وإن ليس بذات اللهجة الإمبريالية الأميركية، الاستعلائية والمهينة للأنظمة، بل بتغليف صواريخ الكرملين بلغة "دبلوماسية عامة" بلسان متحدثين باسم الكرملين يطلون علينا بلغة سياسية تزايد على العرب أنفسهم.

منتدى معلمي الاردن

Copyright © 2009-2024 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved