منتدى معلمي الاردن
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
https://www.jo-teachers.com/forum/t6671
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

رسائل عفوية (1/2)
بيسان القدومي 30-11-2019 02:32 مساءً

تعاهدنا أنا وأخي على أن نتبادل الرسائل بعد أن فرقتنا الظروف، أخي هو صديق منذ أيام الجامعة تجمعني به علاقة أخوّة تتخللها العديد من التشابهات والنقاشات العميقة، لكن خروجنا من سورية باعد بيننا، منذ أشهر قليلة عدنا للنقاشات وبمنطق مختلف، وفي لحظة تشوبها الوحدة، وأثناء حديثنا على منصة الأنستغرام، طلبت منه أن نتبادل النقاش مكتوباً، استخدمت جبران ومي كمثال رغم اختلاف حيثيات وظروف العلاقة هنا وهناك. اقترح كلٌ منا ثلاثة مفاهيم على كل منا أن يكتب عنها ما لا يقل عن 500 كلمة، تعبر عن نظرته لهذا المفهوم.

[p]أخي،أطلب من الله أن تكون هذه الرسالة مفتاحًا لنقطة مضيئة في رأسك، موضوع رسالتي اليوم هو الجمال ونظرتي له.

ديناميكية علاقاتنا صعبة المراس.. كثير من المفاهيم تحركها وتشكلها، نتجاذب ونتنافر مع بعضنا بسببها، تنوء بتفسيراتنا لها وبالظروف التي تصوغ هذه التفسيرات، أحد هذه المفاهيم هو الجمال.

جميعنا ينظر إلى الجمال كمتطلب أساسي للعلاقات، الشاب عندما ينظر إلى فتاة، جمالها هو ما يلفته، والعكس صحيح أيضاً والذي يغلب بقية المتطلبات كالأخلاق والحسب والنسب. أثناء تصميمنا المديني أو المعماري، أو إعجابنا حتى بأي من المباني، يكون الجمال والنسب الجمالية المقياس الأول لحكمنا، والذي يُفضل على بقية المتطلبات الأساسية كالوظيفة. ابتياعنا الملابس والعطور والمجوهرات ومساحيق التجميل يحكمه منظورنا للجمال، بأنها تظهرنا بأجمل هيئة وشكل، فنحن نركض بقوة خلف ما يجعلنا أجمل وأبهى.

[p]الجمال لغةً هو صفة تلحظ وتستحسنها النفوس السوية بحسب (معجم المعاني)، ومن بعض معاني الجمال حسب المعجم أيضاً، ما يخفى عن السطح، فنقول جمُلَتْ أَخْلَاقُهُ أي حَسُنَتْ، ومن هذا المعنى أستقي حبي للجمال.

[p]أحب الجمال المادي كغيري من الناس، ويلفتني كثيراً، لكنه لا يجذبني بقدر ما يجذبني جمال روح الشخص المقابل لي، هدوؤه، حسن استماعه، كرمه، تريثه في الحكم، أدب لسانه، حياؤه، ذكاؤه وسرعة بديهته، جمال روحه ينعكس على عينيه، جمالهما يكمن في طيبة وألفة لا أدرك لها تفسيرًا، باختصار، إحساسي بجمالية الشخص يكمن في راحتي له. ربما هو انعكاس لروحي أو منظوري في الحياة عليه أو ما أودّ أن أراه فيه. لا أدري.

[p]لكني أؤمن بأن الجمال ينعكس في إيمان الشخص والذي يتجسد بدوره في وجهه، إيمانه بالرضى وحب الناس، إيمانه برب ذي وصف أرحم وأكبر مما تعلمناه، ربما نسميه باللغة العامية أنه ذو وجه رحماني، يستقيها من رحمة الله. أما جمال روح المكان هو الراحة التي يوفرها لي، وإحساسي بأن جزءاً من كل فيه.


أعود إلى الجمال بوصفه المادي، أذكر أني في صغري، لإحساسي بأني لست جميلة كغيري من الفتيات، كنت في سعي دؤوب لأن أجد قدراً من الجمال عند أيٍ كان، وخصوصاً أولئك الذين وصموا بالقبح، نعم كنت أشعر بأني في مهمة إلهية بأن أجد جمالاً في أي قبح، أقعد ساعات أستعرض أشرطة الفيديو التي سجلت عليها كثيراً من الفيديوهات، أقوم بإعادتها والبحث عن نقطة جمالية معينة فيها، وقد نجحت في إيجاد تعريف خاص بي، مكنني من رؤية الجمال المادي لكل شخص على حدة، واعتناق مفهوم الجمال غير الشائع كي يكون خاصاً بي. كان غريباً أني لم أستطع محاولة فعل ذلك معي ومع صوري، ولم أكن أطيق أن أنظر إليها. وهي مهمة أوكلتها إلى نفسي في وقتي الحالي.

[p]أحد تلك المقاييس التي أقيس بها الجمال والذي يشاركني به كثيرون هو الابتسامة التي تعلو وجوه الناس والتي تبعث في عينيهم لمعة لا يمكن لأي شيء آخر أن يبعثها.

الابتسامة هي التاج الذي يزين وجوهنا ويبعث فيها جمالاً لا يضاهى، هي كوعاء ماء رمي على جمرة فحم، تطفئ الغضب والحقد، وتعيد اللطف إلى قلوب الناس. ما يلخص الجمال برأيي هو تلك الابتسامة الرحمانية التي تقترن بعين تكون مرآة روح جميلة.

دامت الابتسامة على محياك، ودمت.

منتدى معلمي الاردن

Copyright © 2009-2024 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved