منتدى معلمي الاردن
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
https://www.jo-teachers.com/forum/t6512
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

«الإخوان».. من الجحر إلى القبر
بيسان القدومي 30-11-2019 01:10 مساءً
نبيل عطا

الإسلام دين السلام.. دين التسامح والحصن الحصين للبشرية، إذا فهمت مراده، وطبقت معاملاته، وابتعدت عن المتاجرة به وكشفت المتاجرين به.الإسلام ليس دين الإخوان، ولا الجهاد، ولا داعش، ولا النصرة، ولا حماس، ولا حزب الله.. الإسلام دين التسامح والإنسانية، أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم ليكون دستورا ومنهجاً أخلاقياً راقياً يتعامل به الخلق فيما بينهم، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».الإسلام لم يكن يوماً ديناً تحتكره جماعة هنا أو هناك أو تنسب له زورا تعصباً وإرهاباً ليس فيه .. الإسلام ليس دين حسن البنا، أو سيد قطب، أو الهضيبي، ليس دين القرضاوي، أو أبوبكر البغدادي، ولا محمد مرسي، أوبديع.. الإسلام دين البسطاء،والعظماء.. أرسل الله به نبيه رحمة للعالمين.هذه المفاهيم البسيطة في ظاهرها، والعميقة في جوهرها، والممتدة في أثرها، اختطفتها جماعة سمّت نفسها «الإخوان المسلمون» ، ولكنهم في الحقيقة لم يكونوا إخواناً أو مسلمين.. وهذا ما أكدته مسيرتهم لمدة 9 عقود مضت.. فمنذ 22 مارس/‏‏‏‏‏‏‏آذار 1928 تتردد سيرة الجماعة ملوثة بالدماء وقصص الموت وحماقات وجرائم الإرهابيين لم يكن يتصور أحد أن المدرس الذي كان يعيش في محافظة الإسماعيلية بجمهورية مصر العربية واسمه حسن البنا سيؤسس لكيان تحول خلال العقود الماضية وبمساعدة الدول الغربية لمعول هدم وإرهاب وتدمير للدول باستغلال الدين وفطرة الناس المجبولة على التعلق بالاديان السماوية.صال البنا وتابعوه وجالوا هنا وهناك، استغلوا حب الناس للدين وللرسول صلى الله عليه وسلم، وجمعوا المريدين تحت شعار الدعوة للإسلام الصحيح ، وهو منهم براء أو بالأحرى من قيادات هذه الجماعة والمنتفعين منها ، قدم البنا جماعته على أساس أنها جماعة دعوية، وظلت تمارس الدعوة لعشر سنوات كاملة، غير أنها زرعت بذرة العنف الأولى عام 1939، حين أعلن البنا في المؤتمر الخامس للجماعة إنشاء ما يسمى «فرق الجوالة»

منهج تنظيم الإخوان الإرهابي لايؤمن بشيئ اسمه الوطن لذا سعى للانتشار في الخليج العربي، وعلاقته بالخليج بدأت من السُّعودية،والخطوة الأولى كانت من جانب مؤسس الجماعة ومرشدها الأول، حسن البنا، أثناء حراكه السّياسي في مواسم الحج، حيث التقى الملك عبدالعزيز آل سعود عام (1936) وطلب إنشاء فرع للإخوان المسلمين في السُّعودية، فرفض الملك قائلاً «كلنا مسلمون وكلنا إخوان فليس في دعواك جديد علينا».وجاءت النكبة الفلسطينية لتفتح مجالاً رحباً للجماعة للمتاجرة بقضية المسلمين، ووجدت حركة الإخوان طريقها إلى فلسطين عبر منفذين، الأول من خلال علاقة نشأت مع الطلبة الذين كانوا يدرسون في مصر قبل عام 1949 وجلهم من أبناء العائلات الميسورة، وهناك تعرفوا إلى جماعة الإخوان التي كانت تنشط في الجامعات والنقابات، والثاني من خلال العلاقة مع الكتيبة الإخوانية المسلحة التي جاءت متطوعة في حرب 1948 وعسكرت في قطاع غزة وربطتها مع السكان علاقات وطيدة، وبعد النكبة وعودة الطلبة من جامعاتهم حافظ الإخوان على نشاطهم الدعوي في المساجد، كما امتدت لهم نزعة العداء لعبدالناصر في سنوات الخمسينات.. والآن في فلسطين عندما يريدون التعبير عن عدم ثقتهم بشخص ما لأنه مخادع ويغير كلامه يقولون له «أنت إخونجي».بدأت التجربة القومية في مصر والعالم العربي بتولي الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الحكم في مصر ، وعلى الفور خططت الجماعة في عهد عبدالناصر إلى الاستيلاء على الحكم، بعد إعادة تنظيم نفسها، وإعدادها قوائم اغتيالات، ونسف منشآت حيوية، وكشفت حينها نيابة أمن الدولة العليا أن سيد قطب كان يقود تنظيماً لذلك، وأكدت النيابة حينها أنه تم كشف ذلك الأمر مصادفة عبر إبلاغ الشرطة العسكرية أنها ألقت القبض على مجند، وهو يتفاوض لشراء أسلحة من أحد زملائه بالإسكندرية، وأمام ذلك قام عبدالناصر بحل الجماعة وحظر نشاطها.وصل الرئيس جمال عبدالناصر معهم إلى طريق مسدود، فقرروا التخلص منه في حادث المنشية الشهير في 26 فبراير/‏‏‏‏‏‏‏شباط عن طريق محمود عبداللطيف أحد كوادر التنظيم الخاص، أثناء إلقاء خطابه، ورغم تنصل الإخوان من الحادث، فإنه في ديسمبر/‏‏‏‏‏‏‏كانون الأول عام 2006، أقر قادة تنظيم الإخوان عبر قناة الجزيرة «بوق الإعلام الإرهابي» بالمسؤولية عن الحادث.

عندما تولى الرئيس المصري الراحل أنور السادات الحكم، عقد الإخوان معه صفقة سياسية، وبعدها زار الهضيبي «مرشدهم» السعودية، وعقد عام (1971) اجتماعاً موسَّعاً للإخوان، تَشَكّلت فيه ملامح التنظيم الإقليمي، الذي ضمّ إخواناً آخرين من البحرين والإمارات والكويت، وعلى الرغم من هذا التوسع الجغرافي في التنظيم، اعتقد عديدون أن دور الإخوان الخليجيين لم يزد على جباية الأموال. لكن الحقيقة أن جماعة الإخوان المسلمين الخليجية لم تعد تلك التي تجمع التبرعات والصدقات في الشوارع العامة والجوامع والمساجد، ولا يقتصر عملها على كفالة الأرامل والأيتام، ولكن أصبحت ذراعاً سياسية واقتصادية للجماعة الأم في مصر، والأخطر أنها تبنت الفكر الانقلابي في دول مجلس التعاون، كما صرح وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وهذه الحقيقة لا يمكن إخفاؤها، ولا يمكن نفيها.«الربيع العربي» أو ما اصطلح عليه بهذا الاسم، جاء ليعيد ترتيب خريطة الدول العربية، ويهدم نظمها بمساعدة الإخوان المسلمين، وتنسيق مسبق ومتزامن مع القوى الغربية، بدءاً من تونس ومروراً بمصر وليبيا واليمن وأخيراً الجزائر والسودان.. وإذا ما كانت هناك حسنات لهذا الربيع السيئ فهي حسنة وحيدة ألا وهي أنه كشف هذا التنظيم الإرهابي ومتاجرته بالدين وكفره بنظام الدولة وسعيه للاستيلاء على الحكم أو البقاء فيه مهما كان الثمن.. فشعاره خدمة المرشد والجماعة فوق الدولة، كما قال مهدي عاكف المرشد الأسبق للجماعة « طزفي الدولة»

9 عقود مرت على افتتاح «مدرسة» الفشل الديني ومعهد التجارة بالدين والدولة وتشعبها، وافتتحت فروع لها في أكثر من 72 دولة طبقاً لإحصائيات المخابرات الأمريكية، ولكن بدأت تتكشف حقيقة الفشل وفساد الأهداف وتلوث الأفكار.. فانهزم مشروعهم بمصر، وعادو للسجون، ومنذ سنوات تمكنت الإمارات من وقف مسيرتهم المخربة والملوثة للأفكار والدين، وانكشف أمر تنظيمهم السري بتونس ولفظهم الجزائريون وكذلك الأردنيون والفلسطينيون، وأكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنه لن يكون لهم مكان بالمملكة العربية السعودية.. كما خرج ملايين السودانيين للشوارع ليعلنوا على الملأ رفضهم لوجود الإخوان بعد أن ظلوا يحكمون السودان 30 عاماً .. ولم يحصد السودانيون سوى الفقر والحروب الأهلية ..مسيرة الفشل تكشف «الخليج» تفاصيلها في سطور ملف العدد.

الحقيقة التي ينبغي أن تترسخ في أذهان الجميع أن جماعة «الإخوان» ستزول للأبد ، حتى وإن بقي بعض أتباعها هنا أو هناك، وسيزول كل من يحاول المتاجرة بدين الله .. سيزول كل خائن لدينه ووطنه.. والبقاء للإسلام السمح المعتدل المنير لعقول البشر، وليس لشخص أو جماعة..


الإخوان.. ذهبوا بلا عودة

الأزهر: «الجماعة» كتبت الفصل الأخير في مسيرتها الشيطانية

القاهرة: «الخليج»

مصر

أكد علماء الإسلام وخبراء سياسيون متخصصون أن جماعة الإخوان الإرهابية كتبت الفصل الأخير في مسيرتها الشيطانية، بعد أن خدعت الشعوب العربية كثيراً، لكن أمرها ووجهها القبيح انكشف، بعد الإطاحة بها من حكم مصر، حيث ارتكبت العديد من الجرائم الإرهابية، واستحلت الدماء البريئة.أكد العلماء والخبراء أن الجماعة تعيش صراعا داخليا عنيفا، وكل يوم تشهد انقسامات بين قياداتها الهاربين، وشبابها الضائع والمشتت في أكثر من بلد، بعد أن أدركوا أن دعم تركيا وقطر لن يدوم، وأن الانقلاب عليهم يمكن أن يتم في أي لحظة، وأن العدالة ستطالهم حتما، ليحاسبوا على ما ارتكبوه من جرائم بحق الشعب المصري.أجمع العلماء والخبراء على انتهاء الجماعة وعدم قدرتها على العودة من جديد إلى المسرح السياسي المصري والعربي، وأن شعار المصالحة الذي يردده بعض المخدوعين لم يعد يصلح مع هذا التنظيم الإرهابي.

الأزهر يفضح الإخوان

«جماعة «الإخوان» الإرهابية كتبت الفصل الأخير في مسيرتها الشيطانية».. هذا ما أكده علماء الأزهر الشريف، مؤكدين أن «الجماعة» ارتكبت أبشع الجرائم وأخسها ضد الشعب المصري، وأدمنت ممارسة التضليل ونشر الأكاذيب حول الدولة المصرية التي تخطو خطوات كبيرة على طريق الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي. وأوضح الأزهر من خلال عدة بيانات وتقارير عن جرائم الإخوان أن انتهاج الجماعة للعنف ثقافة راسخة في بنية التنظيم الفكرية، وما ارتكبته خلال السنوات الأخيرة من جرائم ضد المصريين واستحلال دماء الأبرياء يقدم دليلا دامغا على أن هذه الجماعة لا علاقة لها بالدين، فهم «طلاب سلطة».وأوضح مرصد الأزهر للفتاوى المتطرفة، في العديد من تقاريره، أن الجماعة فشلت في كسب ود المصريين بعد الإطاحة بهم من حكم مصر، وفشلت في خداع أتباعها وشبابها بأن ما تمارسه جهاد مشروع، بعدما دفعت بعضهم إلى التهلكة من خلال تحريضهم على ممارسة العنف والتخريب.

أضاعت كل الفرص

الدكتور شوقي علام مفتى مصر يقول: إن الإخوان أضاعوا كل الفرص للعودة إلى حضن الوطن، بما انتهجوه من عنف وتحريض وتضليل كشفنا من خلال مرصد الإفتاء جوانب كثيرة منه طوال السنوات الست الماضية، فهم يجنون الآن حصاد ما ارتكبوه من عنف وتحريض ودعوات لا تتوقف لأتباعهم لممارسة الفوضى وهدفهم إسقاط الدولة المصرية، ورغم أن كل محاولاتهم باءت بالفشل إلا أنهم لا يتوقفون عن ممارسة العنف، والدعوة إلى الفوضى، ولذلك فإن عودتهم إلى مسرح الحياة السياسية في مصر، كما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في يد المصريين، والشعب المصري الذي لن يسامحهم، ولن يثق فيهم، ولن يسمح لهم بالعودة لممارسة الخداع والتضليل عن قرب من جديد.

الإفتاء تكشف جرائمهم

وتمكنت دار الإفتاء المصرية في عشرات التقارير، وبالأدلة والبراهين والوثائق من فضح حقيقة أن الإخوان «جماعة إرهابية»، ولا علاقة لها بالدعوة الدينية من قريب أو بعيد، وأنها ارتكبت العديد من الجرائم الإرهابية، وتحالفت مع تنظيمات إرهابية عديدة أبرزها «داعش» للانتقام من الشعب المصري، الذي أطاح بهم من الحكم، ولذلك فإن الجماعة الإرهابية تعيش أسوأ مراحل تاريخها الأسود، وتوشك على الانتهاء، وأصبحت بلا مستقبل.وأوضحت الإفتاء أن الجماعة تستخدم أوراقا محروقة، للرد على الضربات المتلاحقة التي تتلقاها من أجهزة الأمن المصرية، من أبرزها: نشر الشائعات والأكاذيب بهدف تضليل الجماهير المصرية والعربية، وتعتمد في ذلك على أدواتها الإعلامية وأبرزها قنوات التحريض، التي تحتضنها تركيا وبعض البلاد الغربية، وتساندها في ذلك قناة الجزيرة القطرية، التي تعتبر رأس الأفعى الإعلامية، كما أنها تتحالف مع أعداء الوطن، وتتلقى الأوامر والتوجيهات من دول معادية لمصر والدول العربية.

جماعة منحرفة

ويؤكد الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر السابق أن جماعة الإخوان الإرهابية، لم يعد لأيديولوجيتها المنحرفة ولا لعناصرها الناشطين مكان في مصر والبلاد العربية، فتاريخ الجماعة حافل بالعنف والخداع والتزوير والتضليل، وهذه أدوات كل جماعات الانحراف والضلال، التي تتستر خلف الدين، حيث تتحدث باسمه عن جهل وغباء وتقتل وتخرب وتدمر زاعمة أنها تنفذ تعاليم السماء، مع أن الإسلام الذي يتمسحون فيه بريء منهم ومن جرائمهم.ويشدد عضو هيئة كبار العلماء أن عودة التنظيم الإرهابي إلى الحياة السياسية من جديد في مصر ليس في يد سلطة كما يتوهم البعض، لكنه في يد شعب، والشعب المصري واع جيدا الآن ومدرك لكل جرائم التنظيم التي شاهدها وتأكد منها.ويرى الدكتور علي جمعة أن التنظيم الإخواني الإرهابي فقد السيطرة على شبابه والمخدوعين به، والذين لا يمثلون 10% من عناصر الجماعة، التي عاشت وهما كبيرا عقب خطف منصب الرئيس في مصر، ولذلك تؤكد كل التقارير حالة الانقسام الشديدة التي يعيشها التنظيم في الداخل والخارج، فهم يقدمون شبابهم وقودا لعمليات إرهابية ثبت أنها لن تنال من الشعب المصري ولن تغير قناعته بأن هذا التنظيم مرفوض شعبيا كما هو مرفوض دينيا وشعبيا.

عودة «مستحيلة»

ويرى القيادي الإخواني المنشق ثروت الخرباوي، أن عودة الإخوان إلى مسرح الحياة السياسية في مصر «مستحيلة»، فالشعب المصري قد لفظهم لمجرد فشلهم في إدارة الدولة على مدى عام كامل، وبعد الإطاحة بهم من حكم مصر، ومنذ فض اعتصام رابعة والنهضة، وهم يرتكبون جرائم ضد المصريين جعلت الشعب يرفضهم أكثر وأكثر، ولا يمكن أن يسمح لهم بالعودة من جديد، ولذلك لا مجال لمصالحة مع الجماعة، فهذه المصالحة مرفوضة من جانب السلطات المصرية ومن جانب الشعب الذي كفر بهم للأبد، ولذلك فإن من يعلقون أملا على المصالحة يعيشون في وهم كبير، وليس أمام قيادات الجماعة إلا الصمت والكف عن تجنيد عناصر تمارس المزيد من العنف والإرهاب، كما يجب أن تصمت عناصر الجماعة ويسكتون أجراءهم عن التحريض، الذي تمارسه قنوات مأجورة تبث من تركيا وبعض البلاد الغربية إلى جانب قناة الجزيرة، التي أضرت الإخوان أكثر مما أفادتهم، لكن للأسف قرار الجماعة ومواقفها لم يعد بأيدي قياداتها الهاربين أو المحبوسين، بل هم ينفذون تعليمات أسيادهم في تركيا وقطر، ويتحركون وفق ما ترسم لهم بعض أجهزة المخابرات الغربية، فهم عملاء في يد أعداء مصر وكل مواقفهم تؤكد ذلك.

عقبات.. في طريق العودة

ويتفق ماهر فرغلي، خبير الإسلام السياسي، مع الخرباوي في أن جماعة الإخوان أصبحت أداة في يد بعض أجهزة المخابرات الغربية، إلى جانب تنفيذها توجيهات من الراعي الرسمي لها، وهو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والممول الأساسي لهم وهو أمير قطر تميم بن حمد.ويؤكد ماهر فرغلي أن فشل إيديولوجية الإخوان في إقناع الشارع العربي، تظل العقبة الكبرى في طريق الإخوان الآن، وقد تتبدل الأنظمة السياسية ويختفي نظام سياسي رافض للجماعة من مسرح الأحداث في مصر أو غيرها من البلاد العربية، التي تغلغل الإخوان فيها، لكن هذا لا يعني إطلاقا السماح لهم بالعودة إلى مسرح الحياة السياسية.

[/p]
[p]«الجماعة».. تلفظ أنفاسها الأخيرة

«الإخوان» فقدوا شرعيتهم.. والحكومة أغلقت مقار لهم في 2015

[/b]

الأردن

عمّان: ماهر عريف

خسرت جماعة الإخوان الفاقدة للشرعية في الأردن سياسياً ونقابياً، وتراجع كثيراً تأثيرها شعبياً، وأدت انقسامات حادة داخلها، وانسحابات بالجملة من عضويتها، لانشطارها وضعضعتها بصورة شبه كاملة، وأصبحت حسب تحليلات خبراء وقيادات سابقة فيها، تلفظ أنفاسها الأخيرة.رغم عدم تصنيفها كإرهابية بصورة رسمية، فإن بعض ممارساتها إبّان ما أطلق عليه «الربيع العربي» وبعده، كانت صادمة لأصحاب القرار والمجتمع، لاسيما خروجها في تظاهرة تشبه «الاستعراض العسكري»، وتأكيد تقارير أمنية معلنة اصطدام منتسبين لها مع رجال الدرك في بعض الاعتصامات والمسيرات، وإدانة عدد منهم قضائياً بتهم زعزعة الاستقرار الداخلي والتطاول على مقامات عُليا والإساءة للعلاقات مع دول شقيقة وصدور أحكام متفاوتة ضدهم.أستاذ العلاقات الدولية د. محمد المحارمة يرى أن خروج حشد شبابي أطلقته جماعة الإخوان وسط عمّان خلال شهر إبريل/‏‏‏‏نيسان عام 2013 مرتدياً زياً يشبه المعتمد في الميليشيات الحربية ومؤدياً حركات استعراضية عسكرية بأسلحة رمزية، كان بداية نهايتها في الأردن، بعدما تضخمت الأنا لدى بعض قادتها، واعتقدوا إمكانية التمكن من مفاصل النظام تماشياً والتطاول على كل شيء مع صعود وهمي في مصر حينها، واللهث خلف انعكاسه على فروع في دول عربية.ويضيف: أسهم ذلك تباعاً في سلسلة أخطاء ومغالطات وخلافات كبيرة داخل جماعة الإخوان في الأردن، انسحبت على تعنتها وعدم استجابتها لمتطلبات حكومية، دعتها للترخيص قانونياً وفق معايير تلزمها بعدم التجاوز على التشريعات والأنظمة، فأخذتها العزة بالإثم على اعتبارها فوق تلك المعايير، ولا تحتاج إليها لإثبات شرعيتها قبل أن تعلن الحكومة عام 2015 افتقاد «الجماعة» رسمياً للشرعية، وتغلق بعض مقارها تباعاً، وتخسر مئات الأعضاء، بينهم قيادات الصف الأول، وتهتز صورتها جماهيرياً، ويفشل محسوبون عليها لأول مرة في تصدّر الفوز بانتخابات نقابات مهنية كبيرة، في مقدمتها نقابة المعلمين، ونقابة المهندسين، من خلال ذراعها السياسية «جبهة العمل الإسلامي» المرخصة كحزب منفصل، والذي لم يحقق بعد تحالفات مع أطراف مستقلة، وحتى قومية قديمة، سوى 14 مقعداً من أصل 130 نائباً في الانتخابات الأخيرة للبرلمان.

انشطارات كبرى

عبدالمجيد الذنيبات المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان انفصل عنها كلياً وقام بترخيص جمعية مستقلة خلال شهر مارس/‏‏‏‏آذار عام 2015 تعمل تحت مظلة الدولة الوطنية، واحترام مؤسساتها، وفك الارتباط مع «التنظيم الدولي»، وقوى خارجية، و«الجماعة» في القاهرة، قبل تركه الجمعية الجديدة مؤخراً لأسباب صحية، يؤكد في مراجعة لما حدث أن التشدد وتضخم الخلافات نتيجة إصرار قيادات «إخوانية» على التمترس الذاتي، دفع باتجاه انشطارات كبرى داخل «الجماعة» الأساسية تفرّعت إلى مبادرات منشقة. ويشير الذنيبات إلى شعوره باختلالات بين شعارات تحاول الترويج لجوانب دينية وسياسية شعبوية، والعمل على جوانب فئوية فعلياً على حساب مرتكزات أساسية، ودخوله في مناقشات مختلفة لم تفلح، ما دعاه في نهاية الأمر للرحيل عنها، بعدما فتحت الحكومة مجالاً للترخيص، وفق تشريعات قانونية تراعي الأمن والجوانب الوطنية.ويوضح الذنيبات أنه عندما تقدم ومجموعة من المغادرين بترخيص جمعية جديدة، وضع في اعتباره انسياقها مع مكونات المجتمع وأطيافه وأطرافه، والتخلي عن تجذرات انعزالية وإقصائية وفكرية متشددة، ومراعاة كل الجوانب الوطنية، وعدم الخروج عن الأنظمة، وهذا ما رفضته قيادات متعنتة في «الجماعة»، تقوقعت داخلها وخسرت في النهاية وجودها تدريجياً على الصعيد القانوني والشعبي وفي المحافل السياسية والنقابية.

فاقدة للشرعية ومصيرها التلاشي

الكاتب والمحلل السياسي ظاهر الضامن يرى أن خسارة جماعة الإخوان الفاقدة للشرعية انتخابات تشريعية ونقابية، وافتقاد تأثيرها السابق شعبياً، امتداد طبيعي لتعاطيها السياسة كحزب عقائدي منغلق على مجموعة أفكار عمادها التماثل وعدم القبول بالاختلاف، أو تباين وجهات النظر، وهذا تسبب في افتقادها كل شيء بما في ذلك حضورها السياسي وتأثيرها الديني. ويقول: لم تتعظ «الجماعة» في الأردن من تجارب عصفت بأحزاب عقائدية أخرى وسواها عاشتها جماعات «الإخوان» نفسها، وسيطر التصلب الفكري والتنظيمي والإصرار على التماثل السياسي على العقلية القيادية، بحيث تعاملت مع أي اختلاف على اعتباره خروجاً عن النهج وتهمة التكفير السياسي جاهزة لكل من حاول التفكير خارج الصندوق الضيق والقديم.ويجد الضامن الانشقاقات الكبيرة والتشظي الداخلي وإطلاق مبادرات خارج سياق التأزم، أشهرها مبادرة «زمزم» التي حاولت الانفتاح دون غطاء ديني عقائدي منغلق، وإصرار «الجماعة» الفاقدة للشرعية على التباس العلاقة بين الدعوي والسياسي، جعلها تواصل عيش أحلام اليقظة والأفكار الماضوية والتعامل بنزق، ما أتى عليها تباعاً.ويضيف: مصير جماعة الإخوان الفاقدة للشرعية إلى الاضمحلال والتلاشي لا محالة، سواء من الخارطة السياسية بمجملها أو من وجدان الناس وأمام كوادرها، للنجاة حل وحيد وهو التخلص فوراً من أفكار وممارسات تجاوزها الزمن، وفهم حجم التغيير الهائل الذي حدث، والتخلي عن مصالح ضيقة لا تخدم المجتمع والحياة السياسية.

تحرّك في الوقت الضائع

ويعتبر الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة حسين أبو هنية حديث جماعة الإخوان الفاقدة للشرعية مؤخراً عن طرح وثيقة جديدة لإعادة تعريف نفسها بمثابة تحرّك في الوقت الضائع، ويندرج ضمن محاولات عدة اتبعتها جماعات مشابهة بهدف لملمة الأوراق بعد تداعيات ما يُطلق عليه «الربيع العربي» دون جدوى. ويؤكد أبو هنية أن أزمة «الجماعة» في الأردن عميقة وبنيوية ومزدوجة تتعلق بإدارة التكيف الأيديولوجي والتنظيمي من جهة، وتدبير العلاقة مع النظام السياسي من جهة أخرى، وهذا ينسحب على حالها عموماً خارجياً.ويذهب أبو هنية إلى افتقاد «الجماعة» بدائل موضوعية قابلة للتطور للخروج من حالتها المتهالكة، ويرى أزمتها إلى تفاقم، وستطال ذراعها السياسية «حزب جبهة العمل»، وستظهر المزيد من الانقسامات على أسس الهوية والبرامجية، وستبقى عاجزة عن إيجاد مشروع يتجاوز مقولات الإسلام السياسي.ويُرجع الناشط النقابي ومنسق حملة لصالح حقوق الطلبة فاخر دعاس سبب توالي خسارة الاتجاه المحسوب على جماعة الإخوان الفاقدة للشرعية في انتخابات نقابية، إلى وعي أعضاء الهيئة العامة بضرورة التخلص من الإدارة السلطوية المنفردة التي تتبع الإقصاء، وذلك بعد تجربتها. ويجد دعاس بحث الهيئة العامة عن بديل لمجلس نقابة المهندسين، يرفض الانحياز لاتجاهات محسوبة على «الجماعة»، جاء كذلك نتيجة المعاناة من تدخلها في القرارات والفعاليات المهنية، ومحاولة قيادتها لتحقيق أهداف فئوية وليست لمصلحة عامة. ويرى دعاس وهو عضو هيئة عامة في نقابة أطباء الأسنان أن الاختيارات الأخيرة تعني انتهاء مرحلة احتكار «الجماعة» لمجالس نقابية، وتؤشر إلى صورتها العامة في المجتمع.

زوال الفكرة..وتلاشي المعتقد

البداية على يد جمال السنهوري 1949..والنهاية ابريل 2019

السودان

الخرطوم: عماد حسن

في عام 1949 جاء وفد «إخواني» من مصر إلى السودان، وعقد كثيراً من الاجتماعات لشرح فكرهم وأيديولوجيتهم بقيادة جمال الدين السنهوري، وفي أبريل من نفس العام، ظهر أول فرع ل«لإخوان» في السودان وتبنى أفكار الأب الروحي للتنظيم الإرهابي، حسن البنا. ومنذ ذلك الحين جرت مياه الصراعات والانشقاقات تحت جسر الجماعة، بدءاً من الحزب الاشتراكي الإسلامي 1949 1954 والذي مثل مجهوداً طلابياً بحتاً قام نتيجة لردة فعل ضد موجة الشيوعية والإلحاد بالجامعة، ولم يكن له ارتباط مباشر بجماعة «الإخوان» المسلمين، ولكن أصحابه تأثروا بالكتيبات والمجلات الصادرة عنهم من مصر. استمر تقلب الجماعة من حال واسم إلى حالات وأسماء، إلى أن ترأس المفكر الإسلامي الدكتور حسن الترابي «الإخوان» لفترة من الزمن، وتغير الاسم في عهده أكثر من مرة، ليستقر على اسم «الإخوان» (1969 1979)، حين انتخب أميناً عاماً لجماعة «الإخوان» المسلمين. وبعدها انضم الشيخ صادق عبدالله عبد الماجد، والدكتور الحبر يوسف نور الدائم، في العام 1979 قبل أن يُؤجل انقلاب الرئيس جعفر النميري في 25 مايو 1969، بمساعدة الشيوعيين والقوميين العرب إعلان الانشقاق الثاني في الجماعة. استفاد الترابي من المصالحة الوطنية في العام 1977 عندما تنبه الرئيس النميري لخطورة الأحزاب بعد محاولة عسكرية انقلابية قام بها العميد محمد نور سعد، سنة 1976 مسنوداً من ليبيا، فدخلت الأحزاب معه الحكم، وقام الترابي بحل تنظيم «الإخوان» المسلمين، مما جعل جماعة تظل تحمل الاسم وتتمسك به، بقيادة الشيخ صادق عبدالله عبد الماجد، الذي أصبح المراقب العام للجماعة، وهي التي تعترف بها الجماعة العالمية.

إسلام عصري

واستمر الحال إلى أن جاءت «الجبهة الإسلامية القومية 1986 1989» التي شكلها الدكتور حسن عبدالله الترابي، وأصبح الأمين العام لها، لتصبح حزباً إسلامياً عصرياً، وظل «الإخوان» المسلمون (تنظيم الحبر يوسف نور الدايم) يحملون اسمهم بعيداً عن الجبهة، وخاضوا باسم «الإخوان المسلمون» انتخابات 1986 (ولم يفز منهم أحد)، وكذلك الجبهة الإسلامية القومية. وبدأ «الإخوان» يسيطرون على مؤسسات إسلامية خيرية من أجل الترويج لأفكارهم في المجتمع واستفادوا من مشاركتهم حكم الرئيس النميري في التمكين الاقتصادي والاجتماعي، إلى أن حل الترابي الجبهة الإسلامية القومية بعد انقلاب 1989، ليتسنى له الانفراد الكامل بالسلطة، وجاء بحزب المؤتمر الوطني الحاكم (1994)، ولكن الرئيس البشير انقلب عليه في العام 1999. وبعد خروج الترابي من السجن كوّن حزباً معارضاً للحكومة باسم المؤتمر الشعبي.

سلوك إرهابي

محمد ساتي علي، مساعد الأمين العام السابق للإعلام في حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي، يبتعد مبدئياً عن القول إن «الإخوان» المسلمين «فكرة إرهابية»، لكنه يستدرك مؤكداً أن تنزيل الفكرة والممارسة العملية أفرزت سلوكاً إرهابياً، ونتج عنها بالقطع عنف مفرط خاصة في عمليات الجهاز السري ل«لإخوان» والتصفيات التي تمت للخصوم السياسيين ومحاولات الاغتيال الناجحة منها والفاشلة، وتوج ذلك بالتنظير الذي «شرعن» العنف عبر كتابات سيد قطب، وما تلا ذلك من أحداث داخل مصر وخارجها.

مدرسة فاشلة

ويمضي ساتي مؤكداً أن مدرسة «الإخوان» المسلمين أثبتت فشلها؛ لأنها قدمت نموذجاً سيئاً أينما طبقت، فهي في المعارضة تفجير وقتل وترهيب، كما أنها قدمت أسوأ نموذج للحكم أينما تولت السلطة، وتمثلت قمة فشل مشروعها في السودان؛ لأنه أتيح لها أن تحكم منفردة لثلاثة عقود، كانت هي الأسوأ والأفشل في تاريخ السودان الحديث، وتبين فشل برنامجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي بصورة أصابت مناصريها بالإحباط.ويقول ساتي: «أعتقد بعد تجارب السودان ومصر وتحالفات الجماعة في اليمن والأردن، وغيرها، أنه لن تتاح لتنظيم «الإخوان» فرصة للحكم، وفي رأيي سترتد إلى جماعة صغيره ربما تنشط في المجال الدعوي إن تخلت عن طموحاتها السياسية التي لا أعتقد أنها ستجد فرصة أخرى لتطبيقها».

الأيديولوجية والممارسة

الصحفي والمحلل السياسي كمال عبدالرحمن مختار، يقول إنه بعد ما يقارب قرناً كاملاً من الزمن تكشفت حقيقة البعد الكبير بين أيديولوجيات وممارسات تنظيم «الإخوان» المسلمين والشارع العربي. ومنذ تأسيسها في العقد الثاني من القرن الماضي، ظلت الجماعة وأفكارها حبيسة مواعين قديمة لم تواكب واقع المتغيرات الكبيرة التي شهدها العالم، خصوصاً خلال ثلاثين عاماً الأخيرة التي عرّت تماماً المواعين القديمة التي ظلت أفكار الحركة حبيسة لها. ومع دخول البعد الاقتصادي والسياسي بقوة في أدبيات الحركة في منتصف ثمانينات القرن الماضي، أضيف عامل آخر لعوامل تعرية الحركة، وهو العامل الأخلاقي الذي شكل القشة التي قصمت ظهر الحركة. واتضح تماماً من ممارسات تنظيمات «الإخوان»، وخصوصاً في مصر والسودان والجزائر، خطورة الأجندة المدمرة التي تحملها الحركة والمتمثلة في محاولة تأسيس دولة الخلافة التي تجاوزتها حقائق الجغرافيا والسياسة تماماً. كما انتهجت الحركة منهجاً اقتصادياً لا أخلاقياً، تمثل في محاولات تركيز الموارد في أيدي منتسبيها على المستوى القطري وبشكل لا أخلاقي تماماً.

تمكين وإقصاء

وانتهجت أفرع التنظيم التي نجحت في اعتلاء السلطة بأساليب متفاوتة، وفي فترات متفاوتة، أسلوب التمكين والإقصاء الذي أفرغ مواعين ومؤسسات الخدمة المدنية من محتواها، والأخطر من ذلك التدخلات السافرة الهادفة إلى أدلجة المؤسسة العسكرية خصوصاً في السودان. ومن العوامل الأخرى التي أسهمت في كشف عورات التنظيم «الإخواني»، مغامرته بالأمن والسلم الدوليين، وهو ما تجلى بشكل صريح في سعي النظام الحاكم في السودان إلى إعادة بناء أسامة بن لادن وتصديره جاهزاً بقواته وقدراته اللوجستية إلى أفغانستان، بهدف تحويل الخرطوم إلى مركز لدولة الخلافة الإسلامية تحت مظلة التنظيم «الإخواني» المتخم اقتصادياً في ذلك الوقت، لكن الخواء الفكري سرعان ما وأد الفكرة على الرغم من التداعيات الخطيرة للأحداث اللاحقة، التي قادها ابن لادن، والتي كادت أن تهدد كامل البشرية.

دعاة الفتنة

الداعية الشاب مزمل فقيري، يصف أعضاء الجماعة ب «دعاة الفتنة» ، ولا يجد فقيري وسيلة اتصال جماهيري إلا استخدمها لفضح أساليب وطرق ووسائل الجماعة لنشر الفتنة، ويسخر من علماء «الإخوان» وعلى رأسهم القرضاوي، والذين يدعون إلى القتال في المنابر ويقبعون خلف أسوارهم العالية كأكبر دليل على امتطاء الدين لأجل تحقيق مآربهم السياسية. ويشير فقيري إلى أن «الإخوان» المسلمين تسببوا بتأييدهم لثورات الربيع العربي في سفك دماء المسلمين الأبرياء، ويشدد على مسؤوليتهم أمام الله عن كل نقطة دم سفكت بغير وجه حق. ويقول إن جماعة «الإخوان» قامت على التطرف وتكفير المسلمين، كما جاء في كتاب منظرهم الأول سيد قطب (معالم على الطريق)، بينما يجلسون في المساجد والقصور الفخمة والمكاتب يتحدثون عن الجهاد، ويتخذون من الأحزاب السياسية الدينية وسيلة لتحقيق مشاريعهم.

تلاشٍ وزوال

وينفرد فقيري، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة اليوتيوب، في التصدي ل«لإخوان» المسلمين «لأنهم يضللون الناس» كما يقول، وقد لاقى الأمرين بسبب ذلك ودخل السجن أكثر من مرة، ويرى أن فكر «الإخوان» هو السبب في ظهور الجماعات المتطرفة، كالقاعدة والنصرة و«داعش»، ويقول: «كل هذه الجماعات من رحم فكر سيد قطب ومنهج «الإخوان» الداعي إلى التطرف وتكفير المسلمين وإباحة دمائهم بالتفجيرات وغيرها». ويؤكد فقيري أنه بصلاح الحاكم تصلح البلاد والعباد، وبفساده تفسد الأمة، ويطمئن إلى نهاية تنظيم «الإخوان» في كل الدنيا، ويؤكد تلاشيهم مثل القاعدة والنصرة و«داعش»، ويحذر الشباب من فكر باطل ومنحرف يبتعد عن نهج الصحابة والسلف، حتى لا يُتيحون له البروز من جديد، وهو ما تأكد فعليا في المظاهرات الحالية بالسودان والتي أقصت النظام الإخواني

«أصلوا» المسالمين بـ "عشرية النار"

150 ألف قتيل و6 آلاف شرطي و20 ألف مختطف.. حصيلة سنوات الدم

كان الإسلام هو الحصن الحصين للجزائر ضد الاستلاب والتغريب والتذويب في الهوية الفرنسية «الفرنسة». ففرنسا الاستعمارية كانت تعتبر الجزائر، «فرنسا ما وراء البحر». وكانت جمعية العلماء المسلمين التي أسسها عبد الحميد بن باديس هي الجبهة الجزائرية التي قاومت «الفرنسة» وصانت الشخصية الجزائرية ببعديها العربي والإسلامي. ورفع ابن باديس شعار «الجزائر وطننا والعربية لغتنا والإسلام ديننا».بعد الاستقلال عارضت الجمعية تبني الدولة الاشتراكية، وجاهرت بمعارضتها للتوجه اليساري للدولة الوليدة المستقلة، وبرز من العلماء أحمد سحنون وعبد اللطيف سلطاني والبشير الإبراهيمي (رفيق بن باديس ووالد السياسي المعروف أحمد طالب الإبراهيمي).مقابل التيار الإسلامي التقليدي تبنى بعض الشباب فكر الإخوان المسلمين الذي بثه المدرسون المصريون الكثر الذين استعانت بهم الدولة لترقية التعليم وحركة التعريب، وكان من أوائل من تبنوا هذا الفكر محفوظ نحناح ومحمد بوسليماني.وكان نحناح أول من نقل الأفكار الإصلاحية ومناهج التربية الإخوانية إلى الجزائر والمغرب العربي، عبر التدريس والدعوة خاصة في المنطقة الوسطى (البليدة) التي ينتمي إليها، ومع نشاطه اعتقل وحوكم في 1967 وصدر ضده حكم بالسجن 15 عاماً، ولم يطلق سراحه إلا بعد وفاة الرئيس الأسبق هواري بومدين في 1980، فعاد إلى الخطابة في المساجد والمنتديات والثانويات والمعاهد. ويحاضر في السيرة النبوية والأبعاد الحضارية للإسلام والصراع الفكري بين الأصالة والمعاصرة، والعروبة والفرانكفونية.كانت الحركة الإسلامية في عقدي الستينات والسبعينات مقسمة إلى سلفية و«جزائرية» وإخوانية وعامة، وكانت تعمل من دون إطار سياسي، وتعمل بعفوية ولا تخضع لتنظيم واحد هرمي.

خريف الغضب

عقب أحداث خريف الغضب في 1988 على عهد الرئيس الشاذلي بن جديد أقرت الدولة مبدأ التعددية السياسية والإعلامية. ودعا نحناح الذي جمع عباس مدني (سلفي) وعبدالله جاب الله وعلي بلحاج (من الإخوان) وشيخ الحركة أحمد سحنون، إلى ضرورة وحدة الصف وأن يكون الإسلاميون في حزب واحد وعقدت عدة اجتماعات في مسجد الأرقم بشوفالبي ومسجد السنة في باب الوادي بالعاصمة، لكنها لم تتمخض عن توافق على فكرة التيار الواحد، ومال كل إلى تأسيس حزبه الخاص، فأسس جاب الله «النهضة الإسلامية»، ومدني وبلحاج «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، ونحناح ورفيقه محمد بوسليماني «الجمعية الإسلامية»، ثم تحولت إلى «حركة المجتمع الإسلامي» (حماس).كان نحناح الذي يعتبر ممثل تيار الإخوان في التنظيم الدولي، ضد التوجهات السياسة لمدني وبلحاج ونهج الجبهة عامة، فقد عارض الإضراب السياسي الذي دعت له جبهة الإنقاذ في يونيو 1991. وألغت السلطات نتائج الانتخابات التشريعية لعام 1991 التي أحرزت فيها الجبهة تقدماً لافتاً، ثم اعتقل قادتها وحلت الحركة إدارياً في 1992.صنفت السلطة حركتي حماس والنهضة «كإسلاميتين معتدلتين» وأشركتهما في الحكم، ما جلب على حماس سخط الإنقاذ والجماعات المسلحة التي اتهمت نحناح بالانتهازية ومثله أنصاره وأغلبيتهم من حملة الشهادات العليا. واغتالت الجماعة الإسلامية المسلحة بوسليماني رفيق درب نحناح.كان نحناح يؤمن بمشروع الدولة الإسلامية لكن ليس عن طريق العنف والمواجهة بل عبر النضال السياسي في المجتمع الجزائري شديد التعقيد، ولم يحد عن هذا التوجه إلى حين وفاته في 2003.عندما حظرت السلطة قرن الإسلام بالعناوين الحزبية، تحولت حماس إلى «حركة مجتمع السلم» (حمس).أما جبهة الإنقاذ التي استطاعت تكوين قاعدة واسعة من الأنصار استقطبتهم بأسلوب التهييج والخطب النارية، فقد اختارت بعد إلغاء نتائج الانتخابات اللجوء إلى العنف والمواجهة ونشطت ذراعها العسكرية «جيش الإنقاذ الإسلامي» لتروع المجتمع الجزائري. تحت شعار الكفاح المسلح حتى إسقاط النظام وإقامة الدولة الإسلامية. وكثير من الحركات الإسلامية الأخرى عارضت توجه الإنقاذ.ولم يكن جيش الإنقاذ بدعاً في تاريخ الجزائر الحديث، فقد سبقته حركة مصطفى بويعلي المسلحة في الثمانينات مستلهمة فكر التكفير والهجرة ومقاتلة دولة الطاغوت ووجهت سلاحها إلى الجيش والشرطة.

عشرية النار

وبعد إلغاء نتائج انتخابات 1991، ظهرت الجماعات المسلحة وتكاثرت أعدادها، من دون أهلية فقهية أو ثقافية أو سياسية أو استراتيجية، وضمت الجهلاء الذين لا يعرفون إلا الذبح. ولم يكتفوا بمحاربة الدولة بل المجتمع والشعب وقد زاد من حدة الهجمة على الدولة والمجتمع الأفغان الجزائريون الذين عادوا من أفغانستان بخبرة عسكرية وشهية عارمة للدم والسلطة. وطوال عشر سنوات عرفت ب «عشرية النار»، صعد 40 ألف مسلح من جيش الإنقاذ إلى الجبال، ودشنوا الحرب على الدولة والجيش والشرطة والشعب. فاتبعوا أسلوب العنف والإرهاب والتفجيرات العشوائية لقتل أكبر عدد من الناس، وقطع الرؤوس لبث الهلع في النفوس، وقتل وتصفية عائلات أفراد الجيش والشرطة، وتلغيم الطرق والغابات، ونصب الحواجز الوهمية، وخطف وقتل المدنيين، والتفنن في أساليب القتل بتهشيم الرؤوس بالفؤوس والذبح الجماعي لسكان القرى، والإغارة على القرى وقتل الرجال وسبي النساء، إضافة إلى الاعتداء على المساجد، والاتجار في المخدرات، وبيع الأعضاء والسلاح، والسطو على البنوك والبريد، والسرقة وانتزاع ما يملكه الناس على الحواجز الوهمية، وسرقة مواشي الرعاة، والابتزاز عن طريق الخطف وطلب الفدية.أسفرت «عشرية النار» عن مقتل 150 ألف مدني و6 آلاف شرطي. مقابل تصفية 45 ألف إرهابي. وقدرت الخسائر المادية التي تكبدتها الدولة خلال الأعوام من 1992- 2000 بحوالي 23 مليار دولار. فضلاً عن هجرة 70 ألفاً من خيرة الأدمغة الجزائرية، بينهم 14 ألف طبيب. واستهدف إرهاب الجماعات الإسلامية المسلحة الصحفيين والكتاب والمثقفين والمسرحيين، وإلى الآن لايزال مصير 20 ألف مختطف مجهولاً.

كشفوهم وأسقطوهم

أصلى الإسلاميون الجزائر بالنار، وتأكد أنهم نتاج شرعي للفكر الإخواني الذي أسس له في الجزائر يوسف القرضاوي وغيره ممن انتدبوا للتدريس في الجامعة. وأمدوا هذه الجماعات بالفتاوى التي تبيح القتل والذبح وتصفية العائلات بفقه «النكاية» ومعاقبة الدولة الكافرة بتخريب المقدرات الاقتصادية والبنى التحتية.كفر الشعب الجزائري بمشاريع الإسلام السياسي جملة وتفصيلاً، وسحب الشرعية من جماعاته، ونظر إليها على أنها ملازمة للكوارث الوطنية.أقصى الجزائريون كل الإسلاميين في انتخابات مايو 2012 ولم يفز منهم أحد، بما في ذلك حركة حمس التي كانت توالي السلطة وتطرح نفسها كقوة إسلامية معتدلة، قبل أن يسيطر عليها عبد الفتاح المقري الذي حول الحركة إلى متطرفة، وكشفت الأحداث والوثائق أن قطر كانت وراء دعم الجماعات المسلحة الإرهابية بأكثر من ملياري دولار.المجرب لا يجرب. وقد اصطلى الجزائريون بنار الجماعات الإسلامية المسلحة، لذلك لم يكن غريباً أن ما يسمى الربيع العربي الذي نفخت في ناره قطر لتصعيد حلفائها الإخوان، لم يصل إلى الجزائر. حتى المظاهرات الأخيرة التي تنظم في الجزائر حالياً ومستمرة منذ 7 أسابيع وأدت لاستقالة الرئيس بوتفليقة، لم ينجح الإخوان الفشلة في السيطرة عليها أو توجيهها لصالحهم.. لأن الجزائريين بالفعل كشفوا تجار الدين وأسقطوهم.

حركة حماس قناع "الجماعة" المخادع

* «الربيع العربي» أزاح مساحيق التجميل عن وجه «الإخوان»

رام الله: منتصر حمدان

«إذا كنا بدنا نشتم حدا عنا بنقول له أنت واحد إخونجي»،.. هكذا عبرت أغلبية الفلسطينيين ممن عايشوا سنوات امتداد الفكر القومي العربي؛ حيث عبروا عن رفضهم للفكر «الإخواني»، الذي كان يحاول أن يجد له منفذاً إلى الساحة الفلسطينية في ظل تنامي الفكر التحرري، الذي كانت تعبر عنه فصائل وأحزاب منظمة التحرير الفلسطينية في ذلك الوقت، ما دفع قيادة «الإخوان» المسلمين؛ للبحث عن طريقة للاستظلال، والوصول إلى عامة الفلسطينيين، وهو الأمر الذي تحقق؛ بإنشاء المجمع الإسلامي في قطاع غزة في أواسط السبعينات ثم تبع ذلك بتأسيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتقديمها للفلسطينيين على أنها حركة مقاومة؛ من أجل تحرير فلسطين، كل ذلك في إطار محاولات حركة «الإخوان» المسلمين؛ لإيجاد موطأ قدم لها في فلسطين.عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، وليد العوض، يتحدث في البداية عن كيف بدأت حركة «الإخوان» المسلمين في فلسطين وإلى أين انتهت؟ فيقول: «من المعروف أن حركة «الإخوان» المسلمين وجدت طريقها إلى فلسطين؛ عبر منفذين: الأول من خلال علاقة نشأت مع الطلبة، الذين كانوا يدرسون في مصر قبل عام 1949وجلهم من أبناء العائلات الميسورة، وهناك تعرفوا إلى جماعة «الإخوان»، التي كانت تنشط في الجامعات والنقابات، والثاني من خلال العلاقة مع الكتيبة «الإخوانية» المُسلحة التي جاءت متطوعة في حرب 48، وعسكرت في لواء غزة، وربطتها مع السكان علاقات وطيدة، وبعد النكبة وعودة الطلبة من جامعاتهم، حافظ «الإخوان» على نشاطهم الدعوي في المساجد، كما امتدت لهم نزعة العداء لعبد الناصر في سنوات الخمسينات».وأضاف: «حافظت الجماعة على دورها الدعوي، وقد كرّست كل نشاطها لهذا الجانب حتى بعد الاحتلال عام 67، واستمرت على هذا النحو تنمو وخلال نموها كانت تضع نصب أعينها مخاصمة؛ بل معاداة فصائل الحركة الوطنية والتقدمية سواء التي كانت قائمة قبل انطلاقة الثورة أو بعدها».

ترخيص من الاحتلال

وتابع: «تمكنت من الانتشار بشكل خاص في المساجد، التي حولتها لأندية، ومع أواخر السبعينات، وتزايد دور الحركة الوطنية، وبروزه في الانتخابات النقابية والبلدية، بدا دور «الإخوان» يأخذ منحى مختلفاً، وشق طريقه نحو منافسة واستخدام العنف في مواجهة الحركة الوطنية والتقدمية الفلسطينية، وتجلى ذلك في الاعتداء أوائل الثمانينات على الهلال الأحمر، وحرق مكتبته، وأيضاً أحداث الجامعة الإسلامية، وبدأت هذه الحركة باستخدام مفاهيم ولغة التكفير».وأضاف العوض: المفصل الثاني المهم تجلى بوضع حجر الأساس لتحول أو الإفصاح عن كون «الإخوان» في فلسطين حركة دعوية إلى حركة سياسية مناهضة للحركة الوطنية، وتجلى ذلك بمساعدة الاحتلال؛ بمنحهم ترخيص المجمع الإسلامي، واعتباره مركزاً لنمو وتصاعد دورهم الاجتماعي إلى جانب الدعوي، ومع منتصف الثمانينات بدا المناخ السياسي خاصة في غزة يسير بطريقين متوازيين، الخط الوطني الذي تمثله الفصائل والأحزاب الوطنية، والخط الآخر هو الخط الإسلاموي الذي مثله «الإخوان».

تشكيل حركة «حماس»

وتابع: شهد قطاع غزة وامتد أيضاً لجامعات في الضفة حدوث تصادم في أكثر من محطة بينهما، وقد بلغ الأمر ذروته في انتقال «الإخوان» من المرحلة الدعوية والاجتماعية إلى الإعلان عن تشكيل حركة «حماس» أواخر عام ١٩٨٧؛ حيث لعبت دوراً في إضعاف وحدة الموقف الميداني، خاصة في الانتفاضة الأولى، وبدأت تقدم نفسها كبديل سياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية. ويرى العوض أن المرحلة الأهم، كانت بعد الانتفاضة الأولى، وبدء تنفيذ اتفاقية أوسلو، التي مثلت نواقصه فرصة لها؛ لرفع وتيرة خصومتها مع منظمة التحرير، وهذا أكسبها نفوذاً جماهيراً اتكأ على مثالب أوسلو من جهة وحالة السلطة ومستوى أدائها من جهة أخرى، رغم أنها استفادت من المناخ الذي أتاحه أوسلو لبدء نشاطها العسكري، ودورها في الانتفاضة الثانية، الأمر الذي زاد من شعبيتها. ورفع من طموحها بأن تكون البديل؛ فاتكأت على كل ذلك لتزيد من قاعدتها الشعبية، التي مكنتها من الدخول في الانتخابات ٢٠٠٦ والفوز بالأغلبية، هذا فتح شهيتها لقيادة الانقلاب عام ٢٠٠٧ وسيطرتها على قطاع غزة بالقوة المسلحة.وقال: هذه السيطرة التي احتضنتها حركة «الإخوان» المسلمين في العالم، واعتبرتها رأس حربة مشروع «الإخوان» في المنطقة، هو المشروع الذي احتضنته أمريكا بعد ذلك في محاولتها لاستبدال نظم الاستبداد بنظم استبداد جديدة، وهو ما شهدناه بركوب موجة «الربيع العربي» من قبل «الإخوان» الأمر الذي شكل انتعاشاً ل«حماس»؛ باعتبارها امتداداً لهم؛ لكن مع انكفاء المشروع مؤقتاً انكفأت «حماس»؛ لتحافظ على نفسها من دون تخليها عن مشروعها، الذي ما زال مدعوماً من حركة «الإخوان»، ومن دول إقليمية؛ مثل: قطر وتركيا، وبدون شك من أمريكا، التي ما زالت تعد «الإخوان» حصان طروادة؛ لتنفيذ مشروعها.

«حماس».. و«قاعدة الإخوان»

يتفق الكاتب والمحلل السياسي، مهند عبد الحميد، مع ما قاله العوض، ويضيف على ذلك قائلاً: «حركة «حماس» لم تعد امتداداً لحركة «الإخوان» المسلمين أو فرعاً لها في فلسطين فحسب؛ بل أصبحت تمثل القاعدة، التي يعتمد عليها في خدمة حركة «الإخوان» المسلمين على مستوى المنطقة برمتها؛ حيث باتت حركة «الإخوان» المسلمين تستخدم «حماس» كنموذج؛ لتجنيد الشباب العربي في مختلف الدول العربية».وأضاف: «للأسف نجحت حركة «الإخوان» المسلمين في استخدام نموذج «حماس» في مد نفوذ وسيطرة «الإخوان» في الكثير من الدول مثل ما حدث في دولة مصر الشقيقة؛ حيث تمكنت حركة «الإخوان» من إحراز تقدم ملموس على مستوى القوى والأحزاب السياسية في الانتخابات، التي جاءت كنتاج صفقة سياسية مع قوى الاستعمار الدولية؛ للمحافظة على وجودها ومحاولات تشريع هذا الوجود؛ عبر صناديق الاقتراع كما حدث في فلسطين ومصر وتونس على سبيل المثال قبل افتضاح المخطط».وحسب رأي عبد الحميد، فإن قيادة «الإخوان» المسلمين باتت تستشعر بوجود مخاطر لنمو حركة «حماس» في فلسطين بعد انقلابها على الشرعية الفلسطينية وسيطرتها على قطاع غزة عام 2007، وتخوفاً من هذا النمو والانتشار اشترطت قيادة «الإخوان» المسلمين على «حماس» إعلان الولاء الكامل ل«الإخوان» المسلمين، وتمثل ذلك في إعلان إسماعيل هنية بتاريخ 2008/‏‏‏‏12/‏‏‏‏14، خلال الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق حركة «حماس» بأداء قيادة «حماس» على الهواء مباشرة، يمين الولاء لجماعة «الإخوان المسلمين».وحرص إسماعيل هنية، خلال إلقاء كلمته، على أن يطلب تقدم الشيخ عبد الفتاح دخان، وطلب من الجماهير رفع سواعدهم اليمنى إلى أعلى، وأقسم وهم من ورائه القسم المشفوع باسم الله ولاء لحركة «الإخوان» المسلمين (أعاهد الله أن أخلص لدعوة «الإخوان» المسلمين، والقيام بشرائط عضويتها، والثقة التامة بقيادتها والسمع والطاعة)؛ حيث حاولت قيادة «حماس» فيما بعد التملص من هذا الإعلان؛ عبر تكرار رئيس المكتب السياسي السابق ل«حماس»، خالد مشعل، بنفي وجود علاقة تنظيمية بين حركتي «حماس» و«الإخوان» المسلمين، والهروب من ذلك بأن العلاقة هي علاقة فكرية، وليست تنظيمية، وهذا الأمر حاول فعله أيضاً رئيس المكتب السياسي الحالي إسماعيل هنية في منتصف شهر فبراير/‏‏‏‏شباط 2019 خلال وجوده في زيارة جمهورية مصر الشقيقة.

التواصل مع الغرب

وأشار عبد الحميد إلى مساعي حركة «الإخوان» المسلمين في إقامة علاقة وقنوات اتصال مفتوحة مع أغلبية الدول الغربية، ولعب أدوار واضحة في مقاومة توجهات حركات التحرر الوطني في العالم العربي، وانفضاح أمرهم في أكثر من دولة؛ من خلال مقاومة التنوير، ونشر الأفكار الظلامية والتطرف والتهريب في صفوف المواطنين، إلى حد أنهم حاولوا إبرام صفقات مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ ومنها إقامة «دولة الخلافة» في المنطقة العربية، بدعم أمريكي وقبول «إسرائيلي» لنشوء مثل هذه الدولة؛ لكن ما حدث في مصر في الانتخابات الأخيرة؛ ساهم في إفشال مخططهم، وساهم في إلحاق الهزيمة والخسارة لمشروع «الإخوان» المسلمين على المستوى السياسي.وقال عبد الحميد: صحيح أن «الإخوان» انكشفوا بهذه الخسارات في أكثر من دولة؛ لكن مع الأسف أقول إن فكرهم مازال قائماً وسائداً بالمناهج الدراسية في الكثير من البلدان العربية، وانتشار خطابهم الديني بشكل واسع، ويتجسد ذلك في معارضتهم لدور المرأة، وفكرهم المعادي للتطور والحضارة، واستخدام المنهج التكفيري والإقصائي ضد أية حركات تحررية في المنطقة.

انكشاف القناع

وساهم الحراك الشعبي ضد ممارسات «حماس» مؤخراً في تعزيز قناعة الفلسطينيين بالدور الذي تلعبه «حماس»؛ باعتبارها إحدى أذرع «الإخوان» المسلمين في كشف القناع، الذي تلبسه الحركة في معاداة حقوق المواطنين، والسعي لإبقاء حكمهم بقوة السلاح في غزة، وعلق على ذلك جمهور قائلاً: بكل تأكيد كان له أبلغ الأثر في كشف نوايا «حماس»؛ حيث بيّن بوضوح استماتة «حماس» بالسيطرة وديمومة بقاء حكمها مهما كان الثمن باهظاً، حتى لو كان ذلك على حساب جزء من مبادئها، التي ادعتها سابقاً في سلطة الأمر الواقع بالقوة.ويتفق مع ذلك المستشار عمر حلمي الغول الذي يرى أن حركة «الإخوان» المسلمين استخدمت أبناء فلسطين المنتمين لحركة «حماس» إحدى أذرع «الإخوان»؛ لتحقيق مكاسب سياسية ومالية على مستوى العالم العربي، معتبراً أن الدور، الذي لعبته حركة «الإخوان» المسلمين أزال القناع عنها وعن أفكارها وتوجهاتها المناهضة لحركات التحرر الوطني. وحسب الغول فإن تأسيس حركة «حماس» جاء في إطار مساعي حركة «الإخوان»؛ لخلق نقيض لكل حركات التحرر الوطني، وليس كما يشاع بأنها جاءت كبديل لهذه الحركات، موضحاً أنه منذ السنوات الأولى للاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين كان دور «الإخوان» المسلمين واضحاً، بخصوص إدامة هذا الاحتلال، ومنع تحقيق أية نجاحات حقيقية لحركات التحرر في المنطقة العربية عامة، وفلسطين خاصة.وأضاف: «المقالات والدراسات وآراء العديد من الكتّاب والمثقفين العرب بما في ذلك آراء كتّاب كانوا من المحسوبين على «الإخوان» المسلمين أشاروا في كتبهم ومواقفهم إلى شبهات حقيقية وقفت وراء مؤسس حركة «الإخوان» المسلمين وقادتهم وطبيعة الدور والمسؤوليات المناطة بهم في ضرب توجهات حركة التحرر الوطني في كل الدول العربية والمنطقة».

نجاح سياسة الخداع

وفي حقيقة الأمر، فإنه يمكن القول إن حركة «الإخوان» المسلمين نجحت على مدار سنوات طويلة في خداع عامة الشعوب العربية؛ عبر التخفي وراء القناع الديني؛ لتحقيق أهدافها، التي تشبه إلى حد كبير أهداف الحركة الماسونية في الكثير من الجوانب، وقال الغول: في الفترة الأولى من تأسيس حركة «الإخوان» المسلمين نجحت نجاحاً كبيراً في اختراق الشارع العربي والإسلامي والفلسطيني؛ عبر الإيهام أنها قوى إسلامية ومقاومة؛ لكنها في حقيقة الأمر مارست دور النقيض للحركة الوطنية وللتاريخ والمشروع الوطني.وأضاف: لقد عمدت إلى استغلال الشباب البسطاء والقيادات الموالية للمشروع الإسلامي، كما عمدت إلى تضليل الشارع الفلسطيني إلى حد كبير؛ لكن انقلاب وجرائم «حماس» في غزة؛ كشف القناع، وحقيقة المشروع «الإخواني»، ودورهم فيما يُسمى ب«الربيع العربي»، والدور الذي لعبته «حماس» في مصر وسيناء وسوريا وليبيا واليمن والعراق وفي غيرها من الدول أزاح الستار والقناع، والمساحيق ذابت عن وجه «حماس» وعن وجه «الإخوان» المسلمين إلى حد أن أغلبية الشارع الفلسطيني في غزة بات يعرف حقيقة هذه الحركة وتوجهاتها وارتباطاتها مع حركة «الإخوان».

[/p]
[p]شعبية متراجعة متراجعة وحلم مؤجل بالانقضاض

الفصل بين الدين والسياسة يقضي نهائياً على «الإخوان» ويُنهي تأثيرهم

الكويت: الحسيني البجلاتي

مُني نواب الحركة الدستورية الإسلامية «الإخوان المسلمون»، بهزيمة مدوّية في الانتخابات التكميلية بمجلس الأمة الكويتي بالدائرتين الثانية والثالثة والتي أجريت السبت 16 مارس الماضي، حيث حسم المرشحان المستقلان د. بدر حامد الملا وعبدالله الكندري، المقعدين الشاغرين في المجلس بعد إبطال عضوية النائبين «الإخوانيين» السابقين د. جمعان الحربش ود. وليد الطبطبائي، بعد حكم نهائي بالسجن على كل منهما ب 3 سنوات و6 أشهر؛ إثر إدانتهما في قضية اقتحام مجلس الأمة، إذ حلّ مرشح الإخوان في الدائرة الثانية د. حمد المطر، ثانياً، وحل مرشحهم النائب السابق عمار العجمي ثالثاً في الدائرة الثالثة.. الأمر الذي يدعو إلى السؤال عن مستقبل الإخوان السياسي في الكويت؟.

«الخليج» استطلعت آراء بعض المتخصصين فكانت كالتالي: في البداية يربط أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. شملان العيسى، بين مستقبل الإخوان في الكويت وأمرين مهمين، الأول: مستقبلهم في كل دول المنطقة، والثاني: موقف حكومة كل دولة منهم. وتابع: الأمر بيد الحكومة فإذا قبلت أن تتحول الدولة إلى دولة علمانية يتم فيها الفصل بين الدين والسياسة، فسوف يختفي تأثير الإخوان على الحياة السياسة وعلى الشارع سريعاً، أما إذا استمرت في لعبة التوازنات، فسوف يستمر دورهم وتأثيرهم. وأكد العيسى أن نتائج الانتخابات البرلمانية التكميلية الأخيرة، أثبتت تراجع شعبيتهم في الكويت؛ بل في المنطقة كلها خاصة بعد إخفاقهم في حكم مصر واتجاههم إلى العنف، لكنهم قادرون على التلون والاختباء وراء ظهر جمعيات النفع العام والجمعيات التي تقدم المساعدات المالية وما زالوا يسيطرون على مفاصل مهمة، مثل: جمعية المعلمين واتحاد طلبة الكويت وبعض النقابات وما زال لديهم 4 نواب في البرلمان ويستعدون للانتخابات المقبلة، وبالتالي لا يمكن التنبؤ بشكل مطلق بقرب نهايتهم سياسياً .

خونة وليسوا إخواناً

بدوره وصف النائب أحمد نبيل الفضل، جماعة الإخوان ب«الخونة». وقال: هؤلاء تستطيع أن تقول عنهم خونة وأنت مرتاح وتحط رأسك وتنام، فنحن لا ننسى اجتماعهم في لاهور، أيام الغزو الصدامي الغاشم واستلامهم لجميع المناصب في الدولة وأدخلوا فيها الفساد.. إلى أحداث الشغب التي جرت أيام ما سُمّي بالربيع العربي وكانوا هم السبب فيها. وتساءل الفضل: لا أعلم لماذا الحكومة «ساكتة» عن الإخوان إلى الآن؟ متابعاً: أعتقد أن هناك سبباً وجيهاً وهو أنه من الصعوبة جداً أن تتخلص منهم في يوم وليلة، بالإضافة إلى العلاقات العائلية المتشابكة والحماية التي تأتيهم من بعض أبناء الأسرة لمصلحة أو قرابة.وأكد الفضل أنهم حاولوا شق صفوف المجتمع وتحويله إلى أزرق وبرتقالي (الألوان التي استخدمت أثناء المظاهرات)، وكانت مظاهراتهم مجرد بداية للاستيلاء على الحكم، والحديث عن الفساد كان مجرد شعار لكسب الشارع، وعندما فشلوا وانكشفت نواياهم غيروا جلودهم كعادتهم وهذا هو تاريخهم يخفضون رؤوسهم عندما ترتفع الموجة ثم يرفعونها عندما يظنون أنهم قريبون من التمكين.

جماعة إقصائية

من جانبه أكد أستاذ علم الاجتماع السياسي بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي الدكتور محمد العجمي، أن «الإخوان» جماعة إقصائية لأي شخص أو تيار أو توجّه يتصادم فكرياً معها، وبالتالي فإنها تُغلّب مصلحة الجماعة على مصلحة الدولة والمجتمع، فتجدهم ينتصرون للشللية ولأعضاء الجماعة على ماعداها، حتى عندما يكونوا في موقع المسؤولية فإنهم يأتون دائماً «بربعهم» من أعضاء الجماعة بغض النظر عن كفاءتهم وقدراتهم، وقد تكرر ذلك في مصر واليمن والكويت، وهذه النظرة الإقصائية للآخر كشفتهم وعرّتهم أمام المجتمعات، عندما تنحى خطاب المظلومية ووصلوا إلى مرحلة التمكين في مصر وحاولوا تكرار الأمر في الكويت.وأوضح العجمي أنه لا مستقبل للإخوان بالكويت في المنظور القريب فقط بعدما تم كشفهم وتجلى ذلك في نتائج الانتخابات التكميلية وسوف يتكرر نفس الفشل في الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث إن فرص نجاحهم باتت ضئيلة جداً وانكشفت شعبيتهم إلى حد كبير، لكنه حذر من أن ذلك الأمر قد يتغير على المدى البعيد، وذلك لقدرة الإخوان كتنظيم على التماسك وامتصاص الصدمات وعدم اليأس من الواقع، وهم الآن في مرحلة «الاستكانة» ويمكن إعادة ذلك لسببين، الأول: هو فقدان المجتمع الثقة فيهم، لكنهم يجمعون صفوفهم ويعملون في سرية وصمت لاستعادة تلك الثقة، ومن ثم الانقضاض مرة أخرى على مفاصل المجتمع والدولة .

لمحة تاريخية

وجدت جماعة «الإخوان» لنفسها موطئ قدم متقدماً في المجتمع الكويتي في الخمسينات من القرن الماضي، فأنشؤوا جمعية الإرشاد الإسلامية عام 1958 التي أكدت في قانون إنشائها «أن هذه الجمعية الدينية لا تتدخل في السياسة، وهدفها الوعظ الحكيم والإرشاد الحسن»، قبل أن يتم تعديل اسم الجمعية عام 1963 إلى «جمعية الإصلاح الاجتماعي» لتكون محفلاً أخلاقياً «ومنطلقاً للدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة»، وأكدوا في قانون إنشائها رفضهم العمل السياسي وأن النصح والتوجيه من خلال المطبوعات والإذاعة والتلفاز هو منهجهم في ترسيخ ما يعتقدونه لمصلحة المجتمع، وانبثقت عن الجمعية لجان خيرية عدة، لرعاية الأيتام والأسر المعوزة والاهتمام بالجانب القيمي والأخلاقي للناشئة والشباب وحماية المجتمع من لوثة السقوط الأخلاقي وموجات الإلحاد والشر، التي تهب رياحها بين الفينة والأخرى، وكان يقوم على إدارتها عناصر ولاؤهم المطلق لقيادتهم السياسية وإن برز خلاف أو تباين في وجهات النظر السياسية؛ فيتم حلّه ضمن أسوار البيت لا خارجه.

موقف فاضح

في مرحلة الغزو العراقي للكويت، كان موقف تنظيم جماعة «الإخوان» كاشفاً وفاضحاً للجماعة، إذ صدحت حناجر خطبائهم في السعودية ومصر والأردن والسودان وفلسطين وتونس والجزائر وغيرها، مؤيدة لجريمة الغزو أو داعية الكويت إلى ضرورة وقف التحرك الدولي لتكوين قوات التحالف، وعارض هؤلاء بذلك التوجهات السياسية لقادة بلدانهم ولفتاوى كبار علماء الدين في المملكة وغيرها، التي ناشدت الجميع الوقوف صفاً واحداً لاستعادة الشرعية الكويتية والتخلص من الاحتلال العراقي. وعاش الشارع الكويتي حينها حالاً من الحنق على الإخوان لمواقفهم المؤيدة لغدر الشقيق والمناهضة للعدالة الإنسانية والمخالفة للنصوص الدينية، وفقدت جمعية الإصلاح الاجتماعي الكثير من بهرجها الذي كشفت حقيقته مواقف منتسبيها، لكنهم اعتادوا على «البراجماتية السياسية» وممارسة ألاعيب «الصقور والحمائم» للاحتفاظ بمواقعهم وما تجلبه من منافع على مختلف الصعد، فأصدروا في خطوة تكتيكية بياناً أعلنوا من خلاله «فك ارتباط» إخوان الكويت بالتنظيم العالمي للجماعة، مراهنين على الوقت للاستفادة مجدداً من تسامح الشعب الكويتي المجبول على العفو والغفران.. وقد كان.في مرحلة ما بعد التحرير سعى الإخوان إلى المشاركة السياسية عبر الانتخابات البرلمانية، وأعلن إخوان الكويت تأسيس الحركة الدستورية الإسلامية «حدس»، وتم توزير بعض منتسبي الجماعة الذين لم يتوانوا عن اقتناص كل الفرص السانحة لترقية أتباعهم والمتحالفين معهم ومنحهم مناصب قيادية في كل الوزارات التي تمكنوا فيها، حتى لم يبق موقع إلاّ وللإخوان المسلمين فيه عضو عامل أو مؤيد، مما أغرى قياداتهم السياسية باستثمار الوقت الذي رأوه مناسباً لتقوية وضعهم السياسي، كونهم طلاب سلطة في الدرجة الأولى، وإطلاق ممارسات سياسية غير مدروسة العواقب وتضر بالاستقرار الوطني.

[b]واقع«مترنح».. ومستقبل غامض

حركة النهضة الإخوانية تريد ارتداء العباءة التونسية

تونس: طارق القيزاني

غموض سياسي يلف مستقبل الإسلام السياسي في تونس.. هذا هو توصيف المشهد على بعد أشهر فقط من الانتخابات المقررة هذا العام، لا سيما بعد تلاشي نفوذ التنظيم العالمي للإخوان في معاقله التقليدية وتلقيه ضربة قوية في مصر ومناطق أخرى في المنطقة العربية.بالرغم من أن الحزب يملك اليوم أكثر المقاعد في البرلمان بعد انشقاقات عرفها حزب الأغلبية حركة نداء تونس الفائز بانتخابات 2014، وتصدره لاستطلاعات الرأي إلا أن ذلك لا يشكل ضمانة فعلية له، لجهة أنه لا يمكنه الحكم بمفرده من دون عقد تحالفات نظراً لطبيعة النظام السياسي والانتخابي في تونس. قبل سنوات قام الحزب بخطوة استعراضية في مؤتمره العاشر، وهو الأول الذي ينظم بشكل علني بعد سنوات من الحظر مستفيداً من مناخ الحرية بعد الثورة، تمثلت تلك الخطوة في الإعلان عن فصل الجناح الدعوي للحزب والتخصص في النشاط السياسي.

لا «للتوظيف الديني»

لكن هذه الخطوة لم تكن ذات مصداقية واسعة في المشهد السياسي التونسي حتى اليوم رغم مرور ثلاث سنوات عن ذلك المؤتمر وبرغم الانخراط في حكومة ذات أغلبية علمانية والتحالف مع الرئيس الحالي الباجي قايد السبسي، بدليل أن القيادي البارز في الحزب لطفي زيتون وهو مستشار مقرب من زعيم الحركة راشد الغنوشي كرر ذات المطالب داعياً إلى ضرورة فصل الجانب الدعوي وأي توظيف ديني، والانخراط في العمل السياسي دون غيره حتى يكون حزباً مدنياً، مع الانفتاح على الكفاءات وعلى الشخصيات الوطنية.كان زيتون قد دعا بشكل صريح وصادم في حوار صحفي، إلى قيام الحركة بجملة من الإصلاحات، معتبراً أن الإصلاح هو استكمال تحويل النهضة إلى حركة مدنية، وأن النهضة يجب أن تهتم بإنجاز البرامج وبناء الثقة مع الدولة وترك كل ما يتعلق بمهام المجتمع المدني والجمعيات سواء دينية أو ثقافية أو اجتماعية لمنظومة المجتمع المدني والاكتفاء بالعمل كحزب سياسي. كما ركز زيتون على ضرورة تحرير حركة النهضة للإسلام، مبيناً أن «تحرير الإسلام من الصراع الحزبي.. والاقتناع نهائياً أن هذا الإسلام ملك للشعب التونسي.. حتى لمن لا يعتنق الإسلام». مشدداً على ضرورة اقتناع الجميع بهذا وتخليص الإسلام من استعماله في السياسي.

جلباب الإخوان

يشير المؤرخ الجامعي والمحلل السياسي خالد عبيد في حديثه مع صحيفة «الخليج» إلى أن مأزق حركة النهضة في تونس باعتبارها أحد روافد حركة الإخوان، يكمن في أنها تريد أن تلبس العباءة التونسية وتتجذر في الواقع التونسي غير أن هذه المحاولة تخفي معضلة خطيرة للحزب، فهي إن قامت فعلاً بخطوات فعلية في هذا الاتجاه فإنها ستفقد في نفس الوقت مشروعية وجودها. ويتابع عبيد في تحليله بأن النهضة تستمد وجوها من الفكر الإخواني أصلاً، سواء في فكر حسن البنا الذي تطور عبر كتابات سيد قطب وأحمد قطب أو من خلال كتابات أبو الأعلي المودودي بما في ذلك التأثر بما حصل في إيران عبر ثورة الخميني.وبحسب المؤرخ هناك شكوك موضوعية في عدم قدرة الحركة على الخروج من هذا الوعاء الإخواني المتعدد، لأن خروجها منه يجعلها فاقدة للوجود.لكن ليس هذا السبب وحده الذي يفاقم أزمة الحركة اليوم، إذ علاوة على بعدها الإخواني المهدد فهي تمثل في تقدير الكثير من خبراء القانون وحتى الأحزاب المعارضة حجر عثرة في مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد والاستقرار السياسي المفقود منذ 2011.

تيار يهدد الأمن القومي

وثمة أسباب حقيقية ومؤكدة من حالة الخوف السائدة من خطر اختطاف مؤسسات الدولة والانحراف بها إلى مسار يهدد الأمن القومي بعد انكشاف «الجهاز السري» الموازي لحركة النهضة والتي تتهم بزراعته خلال فترة زعامتها للتحالف الحكومي بين عامي 2011 و2013 وقد كان مكلفاً أساسا بعمليات تجسسية واختراق لمؤسسات حساسة منها الجيش والأمن وعمليات تجنيد واسعة النطاق داخل الدولة.وما يعكس حالة الخوف والشكوك إزاء الدور التخريبي للجهاز السري، الدعوى القضائية التي تقدم بها العشرات من النواب في البرلمان من أجل التحقيق وكشف ملابسات هذا التنظيم وعلاقته الوثيقة بحركة النهضة، دعماً للمسار القضائي الذي يحقق في قضيتي اغتيال السياسيين الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.لكن تصريح الباجي الذي فض تحالفه مع النهضة، في إحدى المقابلات الصحفية بهذا الخصوص يزيد من الضغوط المستقبلية على الحركة ويضعها في المفترق، حينما قال «أنا من موقعي كرئيس للجمهورية، بقطع النظر عن انتماءاتي الشخصية، أدعم الشفافية. الشعب يجب أن يكون على بينة من الطريق الذي نسير فيه. وهذه الشفافية تقتضي أنه إذا كانت هناك تفاصيل ثابتة بالوثائق لن نتخلف عن إشهارها لسلامة المسيرة التي نمشي فيها». كما شدد السبسي قائلاً: «يجب التأكد من وجود هذه الذراع السرية لسلامة الأوضاع أولاً، وثانياً نتأكد هل كان لهذه الذراع دور في الاغتيالات أم لا». يضاف ذلك إلى ما أعلنه العضو بهيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي المحامي سهيل مديمغ بتقديم الهيئة لشكاية ضد 26 قيادياً من حركة النهضة الإسلامية وفي مقدمتهم رئيس الحركة راشد الغنوشي فيما يتعلق بالجهاز السري ووثائق حساسة مرتبطة بها عثر عليها بمقر وزارة الداخلية.

خبراء ومحللون سياسيون لـ الخليج :

«الجماعة» تحمل جينات العنف والإرهاب

القاهرة: غريب الدماطي

يرى خبراء ومحللون سياسيون أن جماعة الإخوان أوهمت المصريين بأنها جماعة دعوية، على خلاف أهدافها وممارساتها، التي تجلت في انخراطها بالعمل السياسي، ثم تحولها إلى جماعة عنف وإرهاب، مؤكدين أن الجماعة التي تأسست في 22 مارس/ آذار 1928 ارتكبت 10 أخطاء، فضلاً عن العديد من الجرائم التي حولتها من جماعة دعوية إلى جماعة إرهابية، تمارس التطرف والتكفير ورفض الآخر، والصدام مع الدولة والمجتمع.

طارق أبو السعد: هدفها تدمير مؤسسات الدولة

يؤكد طارق أبو السعد الخبير في شؤون الحركات الإسلامية أن جماعة الإخوان تحمل منذ تأسيسها جينات الإرهاب والعنف، حيث مارسته في الثلاثينات حتى السبعينات، وعادت إليه مجدداً عقب توليها السلطة في مصر بعد ثورة 25 يناير، موضحاً أنها تمارس العنف كلما توافرت لها الظروف.ويضيف أبو السعد أن تحول جماعة الإخوان من «دعوية» إلى إرهابية، لم يكن محل مفاجأة، لأنها تحمل رؤية فكرية لحسن البنا وسيد قطب اللذين يحملان الشعور بالاستعلاء والحرب والقتال، ومع وصول الإخوان للسلطة عام 2012، أظهرت أنيابها الحقيقية، واستخدمت العنف والإرهاب، ليس فقط ضد الأفراد بل ضد مؤسسات الدولة، موضحاً أن الجماعة لم تمارس العنف في فترة السبعينات والثمانينات والتسعينات، لأن الظروف في ذلك الوقت لم تتوافر لها، غير أن مرض العنف ظل كامناً فيها، ومع إحساسها بالخطر، عقب وصولها للسلطة، استخدمت الإرهاب مجدداً.

مختار نوح: التنظيم السري نفّذ العديد من الاغتيالات

مختار نوح القيادي السابق في جماعة الإخوان يؤكد أن هناك عشرة أسباب التزمتها الجماعة، على مدار تاريخها كانت سبباً فيما وصلت إليه الآن من تطرف وتكفير، هي الجمود في التفكير وتقديس الرموز وعدم الاعتراف بالأخطاء، والتعامل مع الواقع من خلال تجارب الماضي المؤلمة «تصدير المظلومية»، والتكفير والصدام مع المجتمع وكافة القيادات المخالفة وتشويه الحقائق والاستغراق في أفكارهم المختلفة في ظل العالم المفتوح وغياب فكرة النقد الذاتي والانغلاق على النفس.ويقول نوح إن الجماعة منذ نشأتها كانت تدعي عدم علاقتها بالشأن السياسي، وأنكر مؤسسها حسن البنا وجود أي مساع سياسية للجماعة، في حين كانت كل المؤشرات المتلاحقة تعطي دلالات واضحة على أن التنظيم لديه أهداف ومخطط سياسي منذ انطلاقه، وهو ما حدث لاحقا عند إعلان البنا خلال المؤتمر الخامس للجماعة، بدء النشاط السياسي للتنظيم عام 1938 أي بعد عشر سنوات من التأسيس، وتلا ذلك الكثير من الأحداث المفزعة، من بينها اكتشاف حقيقة التنظيم السري، الذي نفذ سلسلة من المؤامرات والاغتيالات في عهد مؤسسها ضد قادة السلطات المصرية، فضلا على عقد الصفقات الخفية مع الاستعمار الإنجليزي بطرق مباشرة وغير مباشرة.ويوضح نوح أن الجماعة تأسست على الطبقية بين قيادات التنظيم، ومبدأ الطاعة العمياء بين القادة

منير أديب : المؤتمر الخامس حمل رسالة استخدام العنف

منير أديب، الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي يكشف وجهاً آخر للإخوان ويقول: إن «الجماعة» منذ نشأتها في عام 1928، قدمت نفسها على أنها جماعة دعوية، وظلت تمارس الدعوة لعشر سنوات كاملة، غير أنها زرعت بذرة العنف الأولى عام 1939، حين أعلن البنا في المؤتمر الخامس للجماعة إنشاء ما يسمى «فرق الجوالة»، التي كانت تؤدي حركات رياضية عنيفة، وتطور الأمر فيما بعد إلى العمل المسلح، وحوّل البنا التنظيم إلى عدد من الكتائب المدربة على العنف، ووجه إليهم رسالة في المؤتمر الخامس، قائلا «إلى الإخوان المجاهدين من جماعة الإخوان»، وكانت تلك الرسالة بمثابة الإشارة إلى وجود تنظيم سري داخل الجماعة، يتلقى مهام - من وجهة نظر البنا - جهادية، يمارس العنف المسلح ضد كل من يختلف مع الجماعة.ويشير منير أديب إلى أن تلك الكتائب والفرق، عرفت فيما بعد بالتنظيم السري الخاص، الذي أقدم على تنفيذ العديد من عمليات الاغتيال، التي بدأت بمحمود فهمي النقراشي باشا رئيس الحكومة ووزير الداخلية في 28 ديسمبر عام 1948، على يد الإخواني عبد المجيد أحمد حسن، الذي تنكر في زي ضابط شرطة، وأطلق الرصاص أثناء دخول النقراشي مبنى وزارة الداخلية، وهي العملية التي حاول البنا التبرؤ منها، حيث قال: ان منفذي العملية ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين، وهنا برز سؤال: لماذا لم يقدم البنا على حل التنظيم الخاص حينها؟

د. طارق فهمي : اغتالوا المئات ولا يعرفون سوى الإرهاب

يقول الدكتور طارق فهمي مستشار مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن الشعار الذي اختارته الجماعة منذ نشأتها حمل في طياته فكرة العنف بوضع السيفين وبينهما المصحف الشريف، مشيرا إلى أن الجماعة مارست العنف في حادث شهير في 6 مايو/‏ أيار في عام 1947، بتفجير دار سينما مترو الذي شكل واقعاً أليماً على الرأي العام لكثرة ضحاياه من الأبرياء، وفي عام 1948 قام التنظيم الخاص بقتل المستشار أحمد الخازندار الذي كان ينظر تلك القضية، حيث فوجئ بشخصين هما حسن عبد الحافظ ومحمود زينهم، أثناء خروجه من مسكنه في حلوان بإطلاق وابل من النيران عليه، ليسقط غارقا في دمائه، وحاولا الهروب سريعاً، غير أن سكان المنطقة تمكنوا من القبض عليهما. كما قام التنظيم الخاص بسلسلة تفجيرات في أقسام الشرطة في القاهرة، احتجاجاً على قمع التظاهرات التي ترفض معاهدة 1936، وقد كشفت الحكومة في 15 نوفمبر/‏ تشرين الثاني عام 1948 بطريق الصدفة أن وراء تلك التفجيرات عناصر التنظيم السري الخاص، وذلك عندما ضبطت سيارة جيب من دون أرقام، وبها كمية كبيرة من المتفجرات والأسلحة والذخيرة، ومخطط لعمليات نسف السفارتين البريطانية والأمريكية، ووثائق تحتوي على أسماء أعضاء التنظيم، والشفرة السرية للاتصال، ودراسات حول أهداف مزمع تدميرها، واتضح من الوثائق أن عناصر التنظيم السري للجماعة هم المسؤولون عن حوادث التفجير.

د. جمال زهران : «التنظيم» خطط للتخلص من عبد الناصر

الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس يرى أن الجماعة زعمت أن تنظيمها الخاص أنشئ من أجل مكافحة الاحتلال، لكن هذا التنظيم السري الخاص استمر في تعزيز وجوده، بعد خروج الإنجليز من مصر، وقيام حكومة ثورة تعادي الاستعمار. وكان التنظيم السري يلقي بظلاله على الجماعة ذاتها، فقد كون حسن الهضيبي المرشد العام، لجنة قيادية مهمتها مواجهة موقف حكومة ثورة 23 يوليو/‏ تموز 1952 من جماعة الإخوان بعد أزمة مارس 1954، وضمت اللجنة يوسف طلعت قائد التنظيم السري الخاص، وصلاح شادي المشرف على التنظيم السري وقائد قسم الوحدات، والشيخ فرغلي صاحب مخزن السلاح في الإسماعيلية، ومحمود عبده من قيادات التنظيم الخاص، وهو ما يشير إلى أن الجماعة صدرت قادة التنظيم السري للمشهد السياسي، بعد تخليها عن مقاومة الاحتلال في القتال عام 1954. ويضيف زهران أن ذلك دفع الرئيس جمال عبد الناصر إلى طريق مسدود معهم، فقرروا التخلص منه في حادث المنشية الشهير في 26 فبراير 1954، عن طريق محمود عبد اللطيف أحد كوادر التنظيم الخاص، أثناء ألقاء خطابه، ورغم تنصل الإخوان من الحادث إلا أنه في ديسمبر عام 2006، أقر قادة تنظيم الإخوان عبر قناة الجزيرة، بالمسؤولية عن الحادث.

<br/>
منتدى معلمي الاردن

Copyright © 2009-2024 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved